للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان شيخي يحكي عن الأستاذ أبي إسحاق أن العبد لا يتسرى، وإن أذن له مولاه؛ لضعف ملكه، وتعرضه للانتزاع [والوطء] (١) يستدعي ملكاً قوياً، واحتج على ذلك بما روي عن ابن عمر أنه قال: لا يطأ الرجل إلا وليدة، إن شاء باعها، وإن شاء وهبها، وإن شاء صنع بها ما شاء. والعبد المملّك لا يملك البيع والهبة، وقد حمل أصحابنا هذا -من قول ابن عمر- على النهي عن الوطء في زمان الخيار؛ فإنه لم يتعرض في قوله هذا للعبد، ولم يجر ذكره.

ثم إذا جوّزنا للعبد أن يتسرى بإذن المولى، فلو علقت منه بمولود؛ لم يثبت الاستيلاد؛ فإن حرية الولد غير متوقعة، والاستيلاد [يتبع] (٢) حرية الولد، إذا صادف ملكاً أو حقَّ ملك؛ فولده إذن قن، والجارية عرضة الاسترداد، وإنما يثبت حق العبد على اللزوم في النكاح -إذا صح له- بإذن المولى.

٨٠٢٣ - ثم قال الشافعي: نكاح الزانية جائز على كراهة.

مذهبنا: أن نكاح الزانية صحيح، ولكنا نكره ذلك، ولا خفاء بوجه الكراهية.

وعن الحسن أن نكاح الزانية باطل، وقد تعلق بقوله تعالى: {وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَان} [النور: ٣]، وقد قيل: الآية منسوخة، وقيل: أراد بالنكاح الوطء من غير حل، وقيل: أراد (٣) الزجر عن اقترابهن، وقد تجري في الزجر مبالغات. فإن كان المراد به الكراهية، فالزنا (٤) لا يوجب العدة على المزنيّ بها.

والحامل من الزنا يحل نكاحها؛ فإن الحمل من الزنا لا حرمة له.

وإذا صححنا النكاح وهي حامل، فقد اشتهر خلاف الأصحاب في أنه هل يحل وطؤها في زمان الحمل؟ فذكر ابن الحداد أنه لا يحل وطؤها ما دامت حاملاً.

والأصح أنه لا يحرم، ولفظ الشافعي دال على نفي التحريم؛ فإنه قال: "وأُحب


(١) في الأصل: والملك.
(٢) في النسختين: تبع.
(٣) ت ٣: المراد.
(٤) في النسختين: الزنا (بدون الفاء).