للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والاحتشاش، وينتهي إليها البهائم في الرعي، ولم يكن حائل، فيجب تحصيل الماء المستيقن في هذه الصورة، وهذه المسافة تزيد على مسافة الطلب عند الإشكال.

ثم إذا جوزنا التيمّم عند بعد الماء، فلا خلاف أن الأولى أن يؤخر الصلاة ليصلي بالوضوء، إذا كان الماء معلوماً، فأما إذا كان يرجو الماء في آخر الوقت، وهو يظنّ ولا يستيقنه، فدخل وقتُ الصلاة، فيجوز إقامة الصلاة بالتيمم في أول الوقت وفاقاً، ولكن اختلف القول في الأَولى، فأحد القولين: أن الأولى تعجيل الصلاة بالتيمم؛ فإن هذه فضيلة ناجزة، ووجود الماء مأمول غيرُ مستيقن.

والثاني - أن التأخير أفضل؛ لإقامة الصلاة مع ارتفاع الحدث.

ولو لم يغلب الظن في وجود الماء، فلا خلاف أن التعجيل بالتيمم أفضل، ثم إن عجل الصلاة بالتيمم إما في صورة القولين عند رجاء (١) الماء، وإما في الصورة الأخيرة، ثم وجد الماء قبل انقضاء الوقت، فلا يلزمه قضاء الصلاة أصلاً.

ثم ما ذكرناه من اختلاف القولين في استحباب التعجيل والتأخير فيه إذا كان يقتصر على صلاةٍ واحدةٍ، فإن تيمّم وصلى في أول الوقت، ثم صلى متوضئاً في آخر الوقت، فهو النهاية في إحراز الفضيلة.

ولو دخل أول وقت الصلاة، وكان الرجل يرتقب جماعةً في آخر الوقت، فلا خلاف أن تعجيل الصلاة مع الانفراد أولى، فإن الجماعة فضيلة محضة مرقوبة، والتعجيل فضيلةٌ ناجزة، وليس كالصلاة بالوضوء في آخر الوقت؛ فإن الوضوء عند وجود الماء والتمكن منه واجب، فقابل مظنون لو تحقق، لكان واجباً فضيلةً ناجزةً، فخرجت المسألة على قولين.

فصل

٢٨٣ - نصَّ الشافعي على أن طائفةً لو انتهَوْا في السفر إلى بئر، وكانت لا تحتمل إلا نازحاً واحداً، فكانوا يتناوبون عليها، فعلم واحد منهم أن النوبة لا تنتهي إليه إلا بعد


(١) (د ٣): وجود الماء.