للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تهذّب القريحة، وتبيّن للمبتدىء مسلك النظر.

وهي: أنه إذا نكح الرجل امرأة ونكح ابنه ابنتها، فغلط كل واحد منهما إلى زوجة صاحبه (١)، فوطئها بشبهة؛ فالتفصيل فيه أن يقال: إن غلط الأب أولاً، فوطىء زوجة الابن، فقد بطل نكاح الابن؛ فإنها صارت موطوءة الأب، فحرمت على الابن، [ويبطل] (٢) نكاح الأب على زوجته أيضاًً؛ فإن من وطىء امرأة بشبهة حرم عليه أمها.

ثم حكم هذه الصورة بعد ذلك: أنه يغرم لزوجة الابن مهرَ مثلها؛ فإنه وطئها بشبهة، وأما امرأته؛ فقد ارتفع نكاحها. والمسألة مفروضة فيه إذا لم يصب امرأة نفسه، وغلط إلى الأخرى، فقد ارتفع نكاح امرأته قبل المسيس؛ فيلزمه لها نصف المسمى - لا شك فيه؛ لأنه المتسبب إلى ما رفع نكاحَها.

وأما زوجة الابن؛ فلو قال الابن لأبيه: قد تسبّبت إلى رفع نكاحي، وأفسدته، فاغرم لي كما تغرم المرضعة لزوج الصبية؛ فله ذلك.

ثم كم يغرم لابنه؟ فعلى ثلاثة أقوال، ستأتي مشروحة في الرضاع: أحدها - أنه يغرم له نصف مهر مثلها.

والثاني - أنه يغرم تمام مهر مثلها.

والثالث - أنه يغرم له ما يغرمه هو لزوجته، والقدر الكافي هاهنا أن الأب في حق الابن بمثابة المرضعة في حق زوج الرضيعة، ثم تفصيل ما تغرمه المرضعة يأتي تأصيلاً وتفريعاً في كتاب الرضاع، إن شاء الله تعالى.

ولو قالت زوجة الابن للابن: قد ارتفع نكاحي قبل المسيس، فاغرم لي نصف المسمى. قال ابن الحداد: لا شيء لها عليه؛ فإنه ارتفع نكاحها من غير قصد صدر من الزوج، والزوج إنما يلتزم شطر المهر إذا ارتفع النكاح بسببه.


= والروضة: ٧/ ١١٤، وسترى أثر إمام الحرمين واضحاً في أسلوبيهما.
(١) ت ٣: إلى ابنة صاحبها.
(٢) في الأصل: ويحرم.