للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما النظر إلى الفرج، فظاهر النص أنه لا تتعلق به حرمة المصاهرة، وعند أبي حنيفة (١) تثبت الحرمة به.

وحكى العراقيون قولاً للشافعي مثل مذهب أبي حنيفة. وهذا غريب لا تعويل عليه. وقد حكى هذا القول طوائف من المراوزة أيضاً. ولست أرى في توجيهه متعلقاً إلا ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، لم ينظر إلى فرج امرأته وابنتها" (٢) وهذا الحديث لم يصححه الأثبات.

ثم علينا تأمل في الملامسة ومزيد بحث في النظر، فأما الملامسة؛ فقد قيّد شيخي والصيدلاني الملامسة بكونها واقعة بالشهوة، وأرسلها بعض المصنفين وطوائف من العراقيين، وفي هذا احتمال: يجوز أن يقال: ما يتفق من غير شهوة، لا يعد [استمتاعاً] (٣)؛ فيبعد عن مشابهة الوقاع، ويجوز أن يقال: تكفي صورة الملامسة، كما تكفي في نقض الطهارة. ولم أر أحداً من الأصحاب يشترط قصد الشهوة في الملامسة عند إيجاب الفدية على المحرِم. هذا قولنا في الملامسة (٤).

فأما النظر، فنتكلم في محله وصفته. فأما محله، فقد خصص أبو حنيفة بالتحريم النظر إلى الفرج، وعنى بذلك القبل من الرجل والمرأة. وفي بعض التصانيف إضافة هذا إلى الشافعي قولاً مع التخصيص بالفرج، كما ذكرناه، وكان شيخي يقطع بأنه لا فرق بين النظر إلى الفرج وبين النظر إلى غيره في هذا القول الغريب.


(١) ر. مختصر اختلاف العلماء: ٢/ ٣٠٩ مسألة رقم ٨٠٤، البحر الرائق: ٣/ ١٠٥.
(٢) لم أجده بهذا اللفظ، ولكن روى الدارقطني: ٣/ ٢٦٩، والبيهقي في السنن: ٧/ ١٧٠: "لا ينظر الله عزّ وجلّ إلى رجل نظر إلى فرج امرأة وابنتها" قال الدارقطني موقوف: فيه ليثٌ وحماد ضعيفان، ثم يقول هو محمول على ما إذا جمعهما نكاحه، أو زناه، وقد ورد في هذا المعنى أكثر من أثرٍ كلها لا تصح، (ر. مع ما سبق مختصر خلافيات البيهقي لأحمد بن فرج اللخمي: ٤/ ١٤٠، ١٤١) لترى أن الأمر كما قال إمام الحرمين: "ليس لهذا متعلَّق يصححه الأثبات".
(٣) في النسختين: استمتاعها.
(٤) حكى الرافعي والنووي ترجيح البغوي التحريم بالملامسة ونحوها، وترجيح إمام الحرمين عدم التحريم، ولم يرجحا بينهما (ر. الشرح الكبير: ٨/ ٣٦، ٣٧، والروضة: ٧/ ١١٣، ١١٤).