للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو نكح خمساً فيهن أختان، بطل النكاح في الأختين، وفي الثلاث القولان. وليس يخفى قياس ذلك، ولسنا للإطناب في مثله.

ولو جمع بين أم وابنتها، فهو كذلك، كما لو جمع بين أختين.

فإن قيل: الأم تحرم بالعقد على البنت، والبنت لا تحرم بالعقد على الأم؟ قلنا: ذاك افتراق في تحريم الأبد، ولسنا نحتاج إليه، وبين الأم وابنتها من تحريم الجمع ما بين الأختين؛ فالافتراق -وذلك فيما يتعلق باثبات الصهر والمحرمية- لا وَقْع له في هذا المقام.

فصل

٨٠٨١ - قد ذكرنا أن الأمة الكتابية لا يحل للحر المسلم نكاحها، وظاهر نص الشافعي أنها كما لا تحل للحر المسلم، لا تحل للعبد المسلم. قال الشافعي: "العبد كالحر في أنه لا يحل له نكاح أمة كتابية". وقد ذكرنا في ذلك تخريجاً عن ابن خَيْران (١) في الحكاية التي أثبتناها عن الماسَرْجِسِي، ومسلك التخريج: أن الرق غير معتبر ولا مؤثر في حكم العبد، فلتكن الأمة الكتابية، في حقه بمثابة الحرة الكتابية، وهذا متجه على هذه القاعدة من طريق المعنى.

وذكرنا هذا التخريج في تزويج الأمة الكتابية من الحر الكتابي، ووجهه أخفى قليلاً في حقه منه في حق العبد المسلم؛ فإن الذي نذكر في هذه الصورة أن كفرها لا يؤثر في حق الكافر، وهذا ليس بذاك؛ فإنا كما لا نتزوج الوثنية لا نزوّجها من وثني. ولو أراد مسلم أن ينكح أمة مسلمة لكافر إذا كان عادماً للطوْل خائفاً من العنت، فالمذهب


(١) الموضع الذي يشير إليه هو: فصلٌ "ولي الكافرة كافر" والمذكور هناك هو (ابن أبي هريرة)، وليس ابن خَيْران!! فأيهما الصواب؟
قلتُ: وقد رأيت الرافعي توقف في هذه القضية كما توقفنا، فقد قال ما نصه: "ورأيت الإمام (أي إمام الحرمين كما قد صار معروفاً) نقل الخلاف في الصورتين في حكايةٍ أسندها إلى أبي الحسن الماسَرْجسي عن تخريج ابن أبي هريرة تارة، وابن خيْران أخرى، والله أعلم". ا. هـ (ر. الشرح الكبير: ٨/ ٦٢).