للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المفسدات المقترنة بالعقد. وطريان الإحرام وعدة الشبهة لا يقدح في نكاح المسلمين، فكيف يفرض قادحاً في نكاح المشرك؟ ونحن قد نحتمل في أنكحتهم ما لا نحتمل في أنكحة الإسلام.

فإذا كان لا ينافي الإحرامُ وعدةُ الشبهة دوامَ نكاح الإسلام، فكذلك وجب ألا يقطع دوامَ نكاح المشرك، وليس ذلك كما لو نكحت المعتدة وبقيت من العدة مدة، وقد لحق الإسلام؛ فإن هذه العدة اقترنت بالعقد واقترانها يفسد نكاح الإسلام، فإذا لحق الإسلام والمفسد قائم، جعلنا هذا كما لو أنشأ العقد مقترناً بالمفسد في الإسلام.

وهذا المعنى الذي وقع به الفرق صحيح.

٨١٠٣ - ولكن يعترض عليه أصلٌ في الباب، اتفق الأصحاب عليه، وهو: أن الحر إذا نكح أمة على شرط الشرع، ثم طرأ على النكاح يساره واقتدارُه على طَوْل الحرة، وأسلم وأسلمت الأمة، فيبطل نكاح الأمة، ولا سبيل للحر إلى إمساكها، واليسار طارىء بعد النكاح، ولم يقترن بالعقد اقتران المفسدات به، فكان يجب أن يجعل طريان اليسار بمثابة طريان عدة الشبهة والإحرام.

ولما نظر القفال إلى ما ذكرناه، لم يجد فصلاً (١)، وارتكب طرد القياس في المسألتين اللتين ذكرهما صاحب التقريب، وقال أولاً: إنه حكى [فيهما] (٢) نصَّ الشافعي وقد تتبعت النصوص، فلم أجد ما حكاه من المسألتين منصوصاً. وأنه قال: إذا أحرم الزوج بعد ما أسلم، ثم أسلمت الزوجة الوثنية والزوج محرم، فينقطع النكاح، ونحكم بفساده، وطرد هذا في طريان عدة الشبهة على كلام ذكره بعض النقلة عنه فيها، كما سنذكره، إن شاء الله تعالى. هذا مما حكاه أصحاب القاضي عن القفال على هذا النسق، وأورده بعض المصنفين عنه على هذا الوجه، ولم يورده الصيدلاني في طريقه المقصور على مذهب القفال ومسلكه فيه، بل أورد عنه ضد ما أوردناه، والذي أشار إليه من كلامه في العدة عريّ عن التحصيل. ولكنا نأتي به.


(١) فصلاً: أي فرقاً.
(٢) في النسختين: فيها.