للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فنقول -والله المستعان-: ما ارتكبه القفال -إن صح النقل عنه- في طريان الإحرام وعدة الشبهة، لا سبيل إلى ارتكابه، فيخرج هذا من أثناء الكلام، وليردِّد الإنسان نظره إلى نكاح الأمة وما يفرض فيه من يسار طارىء أو مقارن، فنقول أولاً: لا ينبغي أن يظن الفقيه أنا نفرق به بين اليسار المقترن بنكاح الأمة وبين اليسار الطارىء بعده، مصيراً إلى أن المقترن مُخِلٌّ (١) بالعقد قادح في الشرط المرعي فيه، بخلاف الطارىء؛ فإن هذا تفصيل لم يصر إليهِ أحد من الأصحاب، ولم يتعرض له النص، فلا فرق عندنا إذاً، (٢ وانحسم هذا المطمع.

ونحن نقول بعده: قد ثبت اشتراط العجز عن الطول في حق الحر المسلم، ولم يثبت عندنا ٢) اشتراط في نكاح الكافر الأمة، والذي يوضح الحق في ذلك: أن العبد ينكح الأمة عند الشافعي وإن لم يكن خائفاً على نفسه من العنت؛ من جهة أنه غير مؤاخذ بالنظر لولده [وتبعيده] (٣) عن الإرقاق؛ فإذا كان كذلك، فلا يتجه مؤاخذة الكافر بتبعيد ولده عن الرق، وهو وزوجته وذراريه عرضة لاسترقاق السابين.

والذي يعضد هذا أنا أثبتنا العجز عن الطَّوْل وخوف العنت بالنص، ولم نحكم بهما قياساً، وإذا كان كذلك؛ والنص مختص بالمؤمنين، فإنه عز من قائل قال: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا} [النساء: ٢٥] وكان هذا خطاباً للمؤمنين. فإن أنكر [منكر] (٤) ذلك، وزعم أن الكفار يندرجون تحت قوله تعالى: {مِنْكُمْ} إذا قضينا بأنهم مخاطبون بخطاب الشرع، قلنا له: لا سبيل إلى تقدير ذلك وتخيّله مع قوله تعالى: {أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَات} ولا يتصور نكاح المؤمنات إلا من مؤمن.

فيخرج مما ذكرناه أن اشتراط الإعسار غير ثابت في نكاح الكفار للإماء؛ فلا أثر للاقتران بالعقد، ومقترن اليسار بالعقد كطارئه عليه.


(١) ت ٣: مخلي.
(٢) ما بين القوسين سقط من (ت ٣).
(٣) في النسختين: وتبعده.
(٤) زيادة من (ت ٣).