للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلو قال قائل: إذا فرض الاجتماع في الإسلام في العدة، وشرائط نكاح الإماء غير مجتمعة، فارتقبوا اجتماعها في العدة. قلنا: لا أثر لأمد العدّة إلا في الاجتماع في الإسلام فحسب، فهو المتعلق بالعدة، ثم ليس بعد ذلك إلا اندفاع النكاح شرعاً أو تقرره. فإن كانت الأمة واحدة، تعينت، ولا معنى لذكر الاختيار فيها.

وإن أسلم وأسلمت معه إماء والشرائط مجتمعة، ثبت نكاح واحدة، وإنما إلى الزوج تعيينها، فلو لم يعيّنها حتى انقضت العِدة، لم يضر تأخير التعيين عن انقضاء العدة؛ فإنا (١) نحصر أثر اعتبار العدة في الاجتماع في الإسلام.

وإنما ذكرت هذا على وضوحه؛ فإن الفقيه قد يسبق فكره في [انغماره] (٢) في طرق النظر أن الأمة إذا أسلمت مثلاً، ثم أسلم الزوج بعدها، وكان موسراً؛ فإن الإسلام (٣) مع اليسار في عدم إفادة النكاح كالإصرار على الكفر، وهذه النادرة لا تعويل عليها. فإذا تمهد ما ذكرناه، فليعتقد أنه الأصل والمذهب.

٨١٢٢ - وحكى صاحب التقريب قاعدة المذهب -كما ذكرنا- ومهّدها أحسن تمهيد، ثم نقل عن أبي يحيى البلخي (٤) أنه قال: يعتبر في الإعسار واليسار وخوف العنت حالة إسلام من تقدم بالإسلام من الزوجين، ولا يعتبر حالة اجتماعهما، حتى لو نكح أمةً واحدة مثلاً في الشرك، ثم أسلم وهي متخلفة، ولما أسلم كان معسراً خائفاً من العنت، ثم أسلمت وهو موسر - وذلك في العدة، قال: فله إمساكها (٥)


(١) ت ٣: فانحصر.
(٢) في النسختين: الغمارة.
(٣) ت ٣: فالإسلام.
(٤) أبو يحيى البلخي، زكريا بن أحمد بن يحيى بن موسى خَتّ بن عبد ربه بن سالم القاضي الكبير، قاضي دمشق في خلافة المقتدر بالله، من كبار الشافعية وأصحاب الوجوه، سافر إلى أقاصي الدنيا في طلب الفقه، وكان حسن البيان في النظر، عذب اللسان في الجدل. توفي بدمشق سنة ٣٣٠ هـ (ر. طبقات السبكي: ٣/ ٢٩٨، وطبفات ابن قاضي شهبة: ١/ ٨١، وشذرات الذهب: ٣٢٦٢، وسير أعلام النبلاء: ١٥/ ٢٩٣).
(٥) ت ٣: اختيارها.