للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومما تقدم ذكره، أنه إذا أسلم على أكثر من أربع وأسلمن معه، أو في العدة، فيتعين اختيار أربع منهن، والزوجية ثابتة في أربع، ولا يحصل بالاختيار الزوجيةُ، وإنما يحصل به تعيين الزوجات المبهمات، ولو أراد الزوج أن يفارقهن من غير طلاق، لم يمكنه، جرياً على ما أوضحناه.

٨١٥٤ - ولو أسلم وأسلمت أربع، فقال: فسخت نكاحهن، لم نحكم بنفوذ الفسخ إذا أراد بذلك فراقاً من غير طلاق، فلو أصرَّت المتخلفات؛ فالذي عليه الجماهير: أن الفسخ الموجه على الأربع الأوائل لاغٍ مردود، ووجودُه كعدمه.

وقد حكينا عن العراقيين وجهاً في وقف الفسخ (١) الموجه على الأوائل، وتفريع ذلك يقتضي أن نقول: إذا كُنَّ ثمانياً، فأسلم أربع، ثم بعدهن أربع، وقد فسخ نكاح الأوائل، فنتبين الآن أن نكاح الأوائل ارتفع بما تقدم من الفسخ، وتعينت الأواخر للزوجية.

ولو أسلمت الأوائل وهن أربع - في الصورة التي ذكرناها؛ فاختارهن، صح، واندفع نكاح المتخلفات، فإنْ أصررن، فاندفاع نكاحهن بإسلام الزوج، وإن أسلمن في العدة، فقد تبين أيضاًً اندفاع نكاحهن باختلاف الدين، ولكنا تبيّنّا تعيّنهن من وقت تعيينه الأوائل للزوجية (٢).

ولو طلّق الأربع الأوائل، نفذ، وكان توجيه الطلاق عليهن متضمناً اختيارهن؛ فإن الطلاق حَلٌّ، ومن ضرورته تقدير العقد في محلّه.

ولو قال: الأوائلُ فسختُ نكاحهن، ثم زعم أنه أراد بذلك طلاقاً، قُبل قوله؛ فإنّ اللفظ يحتمله، والطلاق يقع بالصريح تارة وبالكناية أخرى.

وإن زعم أنه أراد حلَّه [بلا طلاق] (٣)، فقد لاح أنَّ ذلك لا ينفذ في


(١) حكى النووي قول الوقف، ولم يتعرض له بتصحيح ولا تضعيف (ر. الروضة: ٧/ ١٦٨).
(٢) قال النووي: هذا هو الموافق لأصول الباب، وحكى عن البغوي أنه قال: "تقع الفرقة باختيار الأوليات" (ر. الروضة: ٧/ ١٦٧).
(٣) في الأصل: حلّه بالإطلاق، وهو تصحيف، أعان على تصويبه عبارة الروضة (السابق نفسه).