للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحكى العراقيون وجهاً، أن تفسيره الفسخ بالطلاق مردود، وهذا لا وجه له.

فإن تكلف متكلف وقال: الفسخ في نكاح المشركات صريح في الفراق الذي هو من خصائص الباب، وما كان صريحاً في موضوعه لا يجوز أن يُعدل به عن موضوعه [بالنية] (١)، وهذا كما أن الطلاق لا يصير بالنية ظهاراً، والظهار بالنية لا يصير طلاقاً (٢).

وهذا بعيد؛ فإنَ الفسخ قبل الإسلام لا يقال له على صيغة التعليق، والطلاق ينفذ، فكان استعمال الفسخ في وقت لا يجد نفاذاً في موضوعه.

٨١٥٧ - ولو كُنَّ ثمانياً، فأسلمت واحدة، فقال: فسخت نكاحها، ثم هكذا: أسلمن بجملتهن واحدة واحدة، والتفريع على الأصح (٣) -وهو إلغاء الفسخ- ففسخه مردود في الأربع الأوائل، وهو نافذ في الأربع الأواخر، والسبب فيه أن فسخ الأربع الأواخر وقع وراء العدد الكامل، وهو الأربع، فكان نافذاً.

وكذلك لو أسلمت أربع دفعة واحدة، ثم أسلمت أربع أخرى، فينفذ الفسخ في المتأخرات؛ فإنه وراء العدد الكامل - وهو الأربع؛ فينبني على هذا ما نريد الآن.

فإذا أسلمن مترتبات واحدةً واحدةً، وهو كان يفسخ نكاح كل من تُسلم، فلا ينفذ الفسخ في الأولى والثانية والثالثة والرابعة، وينفذ في الخامسة إلى الأخيرة، ثم إذا نفذ الفسخ في المتأخرات، تعنيت الأوائل للزوجية، إذ لا بد من أربع.

وإن فرّعنا على الوجه الضعيف الذي حكاه العراقيون، فنقف الفسخَ في الأربع الأوائل، وننظر إلى ما يكون، فإن أسلمت الخامسة فقال: فسخت نكاحها، فنقدم على ذلك فرضَ الكلام في إسلام أربع جميعاً، وإسلامِ أربع بعدهن، والنسوة ثمان، وقد قال لما أسلمت الأوائل: فسخت نكاحهن، وقال لما أسلمت الأواخر: فسخت نكاحهن، فإن فرعنا على ظاهر المذهب؛ ففسخه الأُول لاغٍ، ولما فسخ نكاح الأربع المتأخرات حالة إسلامهن، نفذ الفسخ فيهن، وتعينت الأوائل للزوجية، [وعلى قول


(١) في الأصل: بالبينة.
(٢) هذا الوجه قال عنه النووي أيضاً: إنه ضعيف. (ر. الروضة: ٧/ ١٦٧).
(٣) قال النووي في هذه الصورة: الصحيح أنه هذا الفسخ لغو (الروضة: ٧/ ١٦٨).