للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غسل اليدين، عند توقّع النجاسة، فكان ذلك نصّاً في أن النجاسة لو تحققت، لنجّست الماءَ، وإن لم تغيّره.

ثم مفهوم ما نقله المزني أن النجاسة إذا كانت بحيث لا يُدركها الطرفُ، لا ينجس الماء، ونصّه في الأمّ أن النجاسة إذا كانت بحيث يتيسر الاحتراز من جنسها -بخلاف دم البراغيث والبثرات- فإذا أصابت الثوبَ وققت بحيث لا يدركها الطرف لقلّتها، فلا يعفى عنها إذا كانت مستيقنةً (١).

والطريقة المرضية ما ذكره الصيدلاني، فذكر وجهين في الثياب: أحدهما - أنه لا يعفى عن النجاسة، وهو القياس.

والثاني - يعفى عنها تمسكاً بسيرة السلف؛ فإنهم كانوا يبرزون لقضاء الحاجة، والذباب يقع على النجاسة، ثم يقع منها على ثيابهم، وكانوا لا يبالون بما يجري من ذلك.

٣٠١ - ثم قال: إذا وقعت نجاسةٌ لا يدركها الطرف لقلّتها في ماءٍ قليل، فإنه ينجس وجهاً واحداً، والفرق بين الماء والثوب، والبدن شيئان: أحدهما - أنَّا نتوقع جفاف أرجل الذباب من وقت ارتفاعها من النجاسة إلى وقوعها على الثياب، ولا يتحقق ذلك في الماء؛ فإنه يرطب النجاسة اليابسة ويسيّلها.

والثاني - أن المياه القليلة يمكن صونها بالتخمير (٢) عما يرد عليها، وذلك غير ممكن في الثياب.

٣٠٢ - وذكر العراقيون طرقاً مضطربة: منها طردُ الوجهين في الماء القليل، إذا كانت النجاسة غيرَ مُدركةٍ لقلّتها.

ومنها أن الماء لا ينجس بها، والثوب ينجس؛ لأن في الماء قوةً دافعةً.


(١) ر. الأم: ١/ ٤٧. والكلام هنا بمعنى كلام الشافعي لا بنصه. فهل هو بنصه في موضعٍ آخر؟.
(٢) التخمير: التغطية. (المعجم).