للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوقت، فهذا في انعقاده قولان عند كافة الأصحاب.

فإذا وضح ذلك، رجع الكلام إلى نكاح الأخت وأختُها متخلفة، وقد اختلف الأصحاب في ذلك، فذهب جمهورهم إلى إفساد النكاح، وإن تخلفت الوثنية إلى انقضاء العدة.

وأجرى بعضهم القولين كما ذكرناه في الصورة المتقدمة، فأما إجراء القولين؛ فقياسه أنا نتبين آخراً أن الأخت تزوجها المسلم، والوثنية بائنة (١) في تلك الحالة.

ومن رأى القطع (٢) أظهر فرقاً بين هذه المسألة وبين مسألة الميراث، وقال: إذا زوّج جارية أبيه في غيبته، ثم بان أنها كانت ملكاً له بالميراث، وأن أباه كان قد مات؛ فالسبب المجوِّز للنكاح كائن في الحال، ولكنه لم يعلمه المزوّج، وأما إصرار المتخلفة إلى انقضاء العدة فليس أمراً واقعاً حالة العقد، ولكنه متعلق بما يكون في الاستقبال، وهو غيب لا مطّلع عليه، ولا يعلمه إلا الله عز وجل، فهذا وجه الفرق.

ومما يتضح به الفرق عند الفارقين أن من الأئمة من جعل المتخلفة بمثابة الرجعية في العدة، ونكاح الأخت في عدة الأخت الرجعية غير سائغ، والمزني لما اختار صحة النكاح بناء على ما تبين في المآل استدلّ بالطلاق، وقال: إذا تخلفت الوثنية [وطلقها] (٣) زوجها المسلم، فلو أصرت حتى انقضت عدتها، فقد تبين أن الطلاق لم يصادفها؛ [فإنها] (٤) بانت بإسلام الزوج، ولو أسلمت في العدة، لحقها الطلاق، وهذا مما تردد الأئمة فيه، فذهب الأكثرون إلى وقوع الطلاق، وهو الذي لا يسوغ غيره؛ فإن الطلاق يقبل التعليق بالغرر، ومنتهى ما يحذر في الوقف [تقدير] (٥) التعليق، والنكاح وما في معناه من العقود لا يقبل التعليق، فلم ينعقد على تقديره، والطلاق إذا كان يقبل صريح التعليق، فيقبل تقديره على حكم الوقف، ومن أصحابنا من أجرى في الطلاق حيث ذكرنا قولَ الوقف.


(١) في الأصل: ثابتة.
(٢) القطع: أي القطع بإفساد نكاح الأخت الثانية.
(٣) في الأصل: يطلقها.
(٤) في الأصل: في أنها.
(٥) في الأصل: تقديره.