للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد يجعل [ارتفاع] (١) النكاح بسبب ردة الزوج طلاقاً.

٨١٨٤/م- ومما يتعين إجراؤه في قاعدة المذهب سؤالاً وجواباً، أن المرأة إذا ارتدت فهي بردتها متسببة إلى فسخ النكاح وتفويته على الزوج، فلو قال قائل: هلا غرمتموها قيمة البضع لزوجها لانتسابها إلى تفويت البضع عليه، وهلا نزلتموها منزلة الأجنبية تفسد النكاح بالرضاع، أو منزلة الشهود إذا شهدوا على الطلاق، وبعد القضاء بشهادتهم رجعوا عن الشهادة؛ فإنه يجب الغرم على الشهود، وعلى الأجنبية المرضعة، على تفاصيلَ ستأتي مشروحة -إن شاء الله عز وجل- في مواضعها.

قلنا: المرأة لا تغرم لزوجها شيئاًَ إذا هي ارتدت فانتسبت إلى فسخ النكاح؛ لأنها عاقدة، ولو غرمت، لغرمت بالعقد، وسبيل الغرامة بالعقد أن يسقط العوض المستحق، فإن أسقطنا جميع المهر -وقد جرى وطء- لأدى ذلك إلى تعرية الوطء عن العوض، وهذا لا سبيل إليه، وإن أسقطنا بعضاً، لم نجد إلى درك ما يصيب الوطاة الواحدة سبيلاً؛ فإن التوزيع إنما يمكن إذا كان ما عليه التوزيع مضبوطاً متناهياً، وهذا -على إشكاله- قد أوردنا الممكن فيه في مجموعاتنا في الخلاف (٢).

ومما يتعلق بتحقيق القول في ذلك، أن الشافعي نص على أن النكاح إذا فسخ بعيب بعد المسيس فيسقط المسمى بكماله، وللمرأة مهر المثل؛ لأنها قد وطئت، وذكر الأصحاب قولاً آخر أن المسمى لا يسقط بعد تقرره بالدخول، وسيأتي شرح ذلك -إن شاء الله عز وجل- في باب العيوب والغرور.

٨١٨٥ - وأنا أقول: إن كانت الردة من الزوج فالمسمى بعد الدخول لا يسقط قولاً واحداً؛ من جهة أن ما يشطر المسمى لو جرى قبل المسيس، فإذا جرى بعده تقرر المسمى كالطلاق، فأما المرأة إذا ارتدت، فمعلوم أن ردتها قبل المسيس تسقط المهر


= (ر. المبسوط: ٥/ ٤٦، ٤٧، فتح القدير: ٣/ ٢٩٦، حاشية ابن عابدين: ٢/ ٣٩٢).
(١) في الأصل: ارتفاعه.
(٢) مجموعاتنا في الخلاف: أي كتبه التي ألفها في الخلاف، وهي: الدّرة المضيّة فيما وقع فيه الخلاف بين الشافعية والحنفية، والأساليب، والعمد، وغنية المسترشدين. ولم يصلنا منها إلا الدّرة المضية.