للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم أسلموا، أو ترافعوا إلينا ورضوا بحكمنا؛ فالذي أجرَوْه لا نتبعه بالنقض.

وإن أسلموا أو ترافعوا قبل القبض، فلا طلبة بينهما، والذي أجرياه من العقد يسقط، وتنقطع عهدته وآثاره.

فإن قيل: ما حكيتموه من الطريقين هل تجرونه في تعاملهم على الربا وفي شرائهم [الخمر و] (١) أثمانها؟ قلنا: ليس من الرأي التفريع على الضعيف الشاذ، وإن أردناه، فلا ينبغي أن يكون للطريقين جريان في تعاملهم على الخمور والخنازير والربويات، وذلك أن النكاح يبقى بعد الإسلام مستمراً مقتضياً دوام أحكامه، والمهر من أحكامه وحقوقه، وقد يطرأ في الإسلام على النكاح ثبوت مهر لم يقترن بالعقد وجوبه، ولذلك نوجب المهر للمفوِّضة بالمسيس، وإن فرعنا على أنها تستحق بالعقد مهراً ونثبت للمفوضة أيضاًً المطالبة بالفرض على تفصيل سيأتي موضحاً في بابه من كتاب الصداق، إن شاء الله تعالى.

فهذا سبب جريان الطريقين على بعدهما.

فأما التعامل على الخمور والربويات إذا اتصل [بالقبض]، (٢) وانفصل الأمر، فيبعد تتبعه في الإسلام، ومن اجترأ على تتبع أثمان الخمور بعد ما قبضت في الشرك، كان هاجماً على خرق الإجماع، وقد قال أمير المؤمنين عمر: "ولّوهم بيعها وخذوا العشر من أثمانها" (٣).

٨١٩٠ - ولو أتلف كافر على كافر خمراً، ثم غرم للمتلَف [عليه] (٤) عوضها دراهم، ثم أسلم، لم يرجع بما بذله في الشرك عوضاً ولو أسلم قبل أن يغرم، فلا


= عبارة الرافعي والنووي (ر. الشرح الكبير: ٨/ ١٠٢ والروضة: ٧/ ١٥٣).
(١) زيادة من المحقق.
(٢) في الأصل: إذا اتصل بالخمر لقبض.
(٣) روى عبد الرزاق في مصنفه: "أنه بلغ عمر أن عماله يأخذون الخمر في الجزية، فناشدهم ثلاثاً، فقال بلال: إنهم ليفعلون ذلك. فقال: فلا تفعلوا، ولكن ولّوهم بيعها، فإن اليهود حرمت عليهم الشحوم، فباعوها وأكلوا أثمانها" (المصنف: ٦/ ٢٣ ح ٩٨٨٦، ١٠/ ٣٦٩ ح ١٩٣٩٦) ورواه البيهقي عن ابن عباس، بسياقة أخرى (ر. السنن الكبرى: ٩/ ٢٠٦).
(٤) في الأصل: عليها.