للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النقيَّة، وإنما يتغيّر بوسخ أو غيره على محل الطهارة، فليعتبر المعتبر ورودَ شيءٍ طاهرٍ على المَحلِّ وتغيره به، كما سبق في الباب الأول. والتفريع على أن المستعمل ليس بطهورٍ وإن لم يتغيّر.

٣٠٤ - ثم ذكر أئمتنُا لفظين في ضبط المذهب خرّجوا عليهما المتفق في النفي، والإثبات، والمختلف.

فقال بعضهم: إنما لا يُستعمل؛ لأنه أُديَ به الفرض مرةً. وهذا ما ذكره المزني (١).

وقال بعضهم: إنما لا يستعمل؛ لأنه أُدِّيت به العبادة مرةً (٢).

والمسلكان جميعاًً لا يصلحان لإثبات أصل المذهب لو نُوزعنا فيه، وإنما معتمد المذهب ما قدمناه [من] (٣) التمسك بسيرة الماضين. ولكن ما كان فرضاً [و] (٤) عبادة، فلا استرابة في أنه المستعمل الذي استَدْلَلْنا فيه بعادة الماضين، وما وُجد فيه أحد هذين المعنيين تردّد الأصحاب في أنه [معتبرٌ] (٥) أم لا.

وليس منع استعمال المستعمل مما يربط بمعنى صحيح على السَّبْر، والأظهر عندنا


(١) ر. المختصر: ١/ ٣٩.
(٢) واضح أن المراد بالعبادة أعم من الفرض، فالغسلة الثانية والثالثة، وتجديد الوضوء، أدي به عبادة، ولم يؤد به فرض، أما الغسلة الرابعة، فماؤها طاهر مطهر، لأنها لم يؤد بها عبادة، ولا فرض، وكذلك المستعمل في الوضوء وغُسل الجمعة وسائر المسنونات. وعبارة الغزالي في الوجيز: "لتأدي العبادة به، وانتقال المنع إليه"، ومثلها في الوسيط، وقال الرافعي في فتح العزيز شارحاً المقصود بتأدية الفرض به: " وأما تأدي الفرض به؛ فلأن المراد منه رفع الحدث به، أو رفع منعه، وذلك يقتضي تأثر الماء " وكأنه يعبر بهذا عن انتقال المنع إلى الماء، أما النووي، فقال عن (انتقال المنع): "وهذه العبارة غريبة، قلّ أن توجد لغيره، وفيها تجوز، إذ ليس هنا انتقال محقق، ولكنها صحيحة في الجملة" ا. هـ. (ر. المجموع: ١/ ١٤٩ وما بعدها. ثم ١٦١، وفتح العزيز: ١/ ٩٨ ثم ١٠٦، ١٠٧، والوسيط: ١/ ٣٠١).
(٣) في الأصل: (أن).
(٤) في الأصل: أو.
(٥) في الأصل: مُغنٍ.