للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويتغالبون؟ أما الآية، فلم يتبين لنا ورودها في أهل الذمة، ولما رضي اليهوديان بحكمه صلى الله عليه وسلم ورجمهما، لم يكونا ملتزمين الجزية، [ولذا] (١) كانت الآية مبهمة. هذا بيان القولين.

ثم مما يتفرع عليهما أنا إن قلنا: يجب علينا أن نحكم لهم وعليهم حُكْمَنا على المسلمين، فإذا أتانا واحد [منهم] (٢) مستعدياً على خصمه الذمي، فيجب علينا أن نُعْديه ونستحضره المجلس، كما نفعل في المسلمين.

وإن حكمنا بأنه لا يجب على حاكمنا أن يحكم بينهم، فإذا جاءنا واحد منهم يستعدي على خصمه، لم يجب علينا أن نُعديه، فإنا كما لا نوجب على الحاكم أن يحكم بينهم لا نُلزم من لم يرض بحكمنا حكمَ الإسلام، فوجوب الإعداء (٣) عند الاستعداء على الخصم المتخلف عن المجلس مبني على وجوب الحكم على حاكمنا.

وإذا شهدا (٤) ورضيا بحكمنا، فمن لم يوجب الحكم على الحاكم، لم يمنعه منه.

[و] (٥) لا شك أنه إذا أراد [الحكم] (٦) جرى على معالم الإسلام، واستتبعهم في حق الدين، ولم يتبعهم في عَقْدهم (٧)، إلا أن يترافعوا إلينا وقد انفصل الأمر فيهم بتقابضٍ، كما سبق؛ فإذ ذاك لا يخفى الحكم، كما أوضحناه من قبل، ثم إذا حكمنا عند رضاهم، نفذ [الحكم] (٨)، ولا خيرة لهم بعد نفوذ الحكم.

وما ذكرناه فيه إذا كان الخصمان على ملة واحدة.


(١) في الأصل: إذا.
(٢) في الأصل: منهن.
(٣) الإعداء: النصرة، من قولهم: استعديت الأميرَ على فلانٍ، فأعداني، أي استنصرته، فنصرني.
(٤) شهدا: أي حضرا مجلس الحكم.
(٥) الواو زيادة من المحقق.
(٦) في الأصل: يحكم.
(٧) عَقْدهم: أي عقيدتهم ودينهم.
(٨) في الأصل: حكم.