فنقول: مبنى الحكم لهم وعليهم أن نقضي بموجب الإسلام، ولا ننشىء حكماً مخالفاً لقاعدة الإسلام، ولكن لا نتتبع ما مضى منهم وانفصل، وعليه خرّجنا انفصال معاملاتهم بالتقابض، ومن أراد تخريج أنكحتهم على هذا القياس، فقد طمع في غير مطمع؛ فإنا أوضحنا في أول نكاح المشركات ابتناء قواعد الباب على الأخبار، وبيّنّا خروج أحكامنا في كثير من مسائل الباب عن القياس، [ولسنا](١) لإعادة تلك القواعد، والقدر الذي نجريه هاهنا على هذا المساق أنه إذا اتصل بالإسلام مفسد أفسدناه، وإن تحققنا مفسداً مقترناً بالعقد حالة الشرك وقد انقضى، فلا نلتفت إليه، كما مضى.
٨١٩٩ - ثم اتصل بهذا المنتهى أنهم إذا ارتفعوا إلينا والتمسوا منا أن نفرض نفقة مجوسية على يهودي، وكان تزوج يهودي مجوسية؛ فالذي قطع به المراوزة أنا لا نجيبهم إلى ذلك أبداً؛ فإنا لا نحل المجوسية والوثنية لأحد.
وذكر العراقيون في ذلك وجهين: أحدهما - ما ذكرناه، والثاني - أنا لا نتعرض لهم إذا نكح اليهودي مجوسية، وإن ارتفعوا إلينا قررنا لهم، وفرضنا النفقة، وهؤلاء يقولون: إنما تحرم المجوسية على المسلم ولا تحرم على الكتابي، وهذا بعيد عن قياس المذهب.
ولا خلاف أن المجوسي إذا نكح واحدة من المحارم، ورفع الحكم إلينا، ورضي بحكمنا في التقرير والبت على موجب الدين؛ فإنا نفرق بينهما؛ إذ لا مساغ في الإسلام لنكاح المحارم.
ومما يجب البت فيه أن المجوسي إذا ارتفع إلينا، وطلب أن نفرض النفقة للتي يعتقدها زوجة، وكانت من محارمه - فلا شك أنا لا نجيبه إلى مُلْتَمسه، ولكن هل نفرق بينها وبين زوجها؟ الذي يقتضيه الرأي في ذلك أنهما إذا لم يرضيا بحكمنا في التفريق، لم نفرق بينهما؛ فإنا إنما نجري أحكامنا عليهم إذا رضوا بها، ولم يوجد في الصورة التي ذكرناها رضاً منهم بالتفريق.
ورأيت في كلام الأئمة ميلاً إلى التفريق في هذا المقام -على بعده- وقد يتجه