للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالمرأة كغرضه في إعفاف المرأة بالرجل، وهذا لا ينكره ذو عقل، غير أنّ الشرع لو أثبت لهن حق الطلب، لَمَا كان ذلك على موافقة الجبلّة؛ فإنَّ الرجال لا يواتيهم الإمكان على مطّرد الزمان، وتشوفهن دائم ولا فتور فيه، فرأى الشرع إثبات الطلب للرجل؛ فإنه لا عسر من جانبهن في التمكين. ثم لما أثبت الطلب لهم أقامهم مقام من يستحق معوَّضاً، وألزمهم كفايتهن كي يلزمهن الحجاب، فانتظمت المحاسن، ثم اكتفى باقتضاء جِبلَاّت الرجال الاستمتاع بهن مع تهيُّئهن وقيام الرجال بمؤنتهن؛ وهذا [يُقيم] (١) أغراضهَن في الاستمتاع.

فإذا كان الرجل مجبوباً، وانقطع إمكان الإعفاف، أثبت الشرع لها مخلصاً، وعلى هذا حرم أصل الإيلاء، فإنَّ الرجل وإن كان ينكف عن وقاع امرأته، فهي تزجي أحوالها بتوقع الوقاع، فإذا آلى الرجل لا يواقعها في مدة يظهر فيها الضرار عليهن بالانكفاف عن وقاعهن، أثبت الشرع حق رفع النكاح بالطلاق، حتى يبقى مستدرك إن أراده الزوج. فإذاً جرى فسخ المرأة للنكاح بجَب الزوج وعُنته على هذه القاعدة.

ثم من لطائف وضع الشرع، الفرق بين الجب والعُنة؛ فإنَّ الجب موئسٌ متعلقٌ به تنجيز الفسخ على البت، من غير احتياج إلى رفع الواقعة إلى مجلس الحكم.

والعُنة مرجوة الزوال، فبُني أمرها على التأخير، كما سيأتي حكمها في بابها.

٨٢٧٥ - فأما فسخها للنكاح بسبب البرص والجذام والجنون، فحائدٌ بعض الحيد؛ فإنَّ الاستمتاع لا ينحسم بهذه الأشياء إلَاّ من طريق العيافة. ووضعُ النكاح على اللزوم، [فكان] (٢) الفسخ بهذه الأشياء مائلاً عن الأمر الظاهر الذي مهدناه، على أنه حالٌ يسهل مأخذه من فسخ المبيع بالعيوب المؤثرة في المقاصدة المالية؛ فإنها لما أثبتت حق الفسخ، لم تنحصر في الموئسات، بل ثبتت ثبوتاً متسعاً، فابتعد أن يكون البرص [مانعاً] (٣) من الاستمتاع، كما أومأنا إليه في المالية.


(١) في الأصل: تقسيم.
(٢) في الأصل: وكان.
(٣) زيادة من المحقق.