للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: هل يتوجه الوجه الضعيف بشيء يمكن التمسك به؟ قلنا: أقصى الإمكان فيه أنَّ العيب إذا زال، فهذا محسوب لمن له حق الرد؛ فإنه حصل ذلك في استمرار حكمه ودوامِ يدهِ، فينبغي أن يكون له لا عليه، فالعيب القديم أثبت حق الرد، والسلامة الطارئةُ ثابتة للمشتري، ولو أبطلنا حق الرََّد بها، لكُنَّا صرفنا فائدة السلامة الطارئة في يد المشتري إلى البائع إذا كنا نقول: العيب الحادث في يد المشتري يؤثر في منعه من الرد، فقياس الفقه أن نقول: ما يطرأ من العيب فعليه، فما يطرأ من السلامة له. وهذا يجري ذكره في مسألتنا، والأصح ما قدمناه.

فرع:

٨٣٠٠ - إذا ثبت حق الخيار للمعتقة تحت العبد، فطلقها زوجها قبل أن تفسخ النكاح، نُظر: فإن كان الطلاق رجعياً، فهي على حقها من الخيار، لا شك فيه. وإن كان الطلاق مُبِيناً، فقد نص الشافعي في الأم على "أنَّ الطلاقَ موقوفٌ، فإن فسخت، بان لنا أنَّ الطلاق لم يقع، وإن لم تفسخ، بان أنه وقع".

وقد اضطرب أئمتنا في هذا النص، فذهب المحققون إلى مخالفة (١) النص وقطعوا بنفوذ الطلاق؛ من جهة أنَّ الطلاق صدر من أهله في محله، والفسخ إن فُرض ليس ينعكس على ما تقدمه، وإنما يتضمن قطعَ النكاح في الحال، فيستحيل أن يؤثر في الطلاق السابق. وهؤلاء رأَوْا ما نُقل عن الشافعي نقلاً منه لمذهب غيره، وهذا كثير الوقوع في كلام الشافعي؛ فإنه يخرّج مذهبه بمذهب العلماء، وقد يذب عن مذهب العلماء ذبّه عن مذهب نفسه، وفي كلامه [ـعقيد ـعـ ـنى المهر] (٢). هذا هو المسلك الحق.

وذهب بعض أصحابنا إلى الجريان على ظاهر النص، وهذا بعيد، ولكن الذي تمسك [به] (٣) الصائر إليه أنَّ الطلاق تصرفٌ من الزوج في ملكه، فلا ينحسم (٤) إذا تأكد حق الغير، وهذا كما أنا نرد إعتاق المالك لتأكد حق الغير في ملكه، فالطلاق في


(١) في الأصل: إلى أن مخالفة النص.
(٢) ما بين المعقفين رسم هكذا تماماً، ولم أعرف له وجهاً. (انظر صورتها).
(٣) زيادة من المحقق.
(٤) فلا ينحسم: أي لا يتم ولا يُمضى.