على ما ذكرناه أنَّ الزوجَ إذا ذكر لفظةً من كنايات الطلاق، وزعم أنه لم ينوِ؛ فالقول قوله مع يمينه، فإن نكل عن اليمين المعروضة عليه، رددنا اليمينَ على المرأة، واطلاعُها على قصده الطلاق أبعدُ عن اطلاعها على عجزه. والمعتمد في الموضعين المخايل وقرائن الأحوال.
ثم من يحكم بأنَّ اليمين لا تردّ على المرأة، فلا معنى عند هذا القائل لتحليف الزوج؛ فإنَّ الغاية المتوقعة أن ينكُل، والقضاء عليه بالنكول لا وجه له، والتحليف لا يُفضي إلى رد اليمين، فلا معنى لفرضها أول مرة.
والوجه أن نقول: لا سبيل إلى ضرب المدة ما لم [يُقر](١) الزوج بالعجز، أو يثبت اعترافُه بالبيّنة، وهذا يكاد يقرب من الخُرْق والهجوم على إفساد حكمه؛ فإنَّ الزوجَ إذا عَنَّ وقلنا: إنه لا يحلف، فلا يعجز عن الصمت والسكوت إذا راجعه القاضي، فإذا كان أصل المرافعة ثابتاً كما ذكرناه، وليس فيه حملٌ على يمين، فلا ثمرة للمرافعة، ولا فائدة للمحاكمة.
وللأصحاب في بعض المسائل تشوف إلى القضاء بالنكول، وقد قدمنا صوراً منها في كتاب الزكاة، وسنذكر أمثالها في مواضعها، إن شاء الله تعالى.
فلا يمتنع على الوجه البعيد أن نقول: نكول الزوج يغلّب على الظن عُنَّته، فنجعل ضرب المدة فسخته، وهذا كلام متناسب، فإن عجزه يظهر بامتناعه عن الوقاع في المدة فعلاً، فلا يبعد أن يستند ابتداء الضرب إلى امتناعه عن اليمين، وكل ذلك خبط.
والوجه: القطع برد اليمين على المرأة، كما صار إليه أئمة المذهب.
والوجه الضعيف لم يأت به الشيخ أبو علي تخريجاً، وإنما نقله عن أبي إسحاق المروزي، وهو -كما ذكرناه- بالغٌ في الضعف.
٨٣٠٦ - فإذا تمهَّدَ محلُّ ضربِ المدة، وانفتح على الناظر تصورُ مسائلِ الباب؛ فإنَّا نقول بعد ذلك: مُدَّةُ العنةِ لا تختلف بالرق والحرية؛ فإن كان الزوج عبداً، فالمدة