للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يمكننا أن نحتكم على قياس من لا يتبع القياس.

٨٣١٩ - ومما ذكره الشافعي: أن الرجل إذا كان لا يعنّ عن نسوة، ويعنّ عن امرأة على الخصوص، فحكم العُنة ثابت؛ وذلك أن الامتناع من الوقاع قد تحقق.

وهذا قد يؤثر في فكر الفقيه؛ من جهة أن تصوير هذا يعسُر، وإن فرض، فإلحاق هذا بالعُنة مشكل. ولو أُلحِق بمرضٍ حاجزٍ، أو مانعٍ غيرِه، وقُطِعَ عن العُنّة، لكان كلاماً جارياً في مسلك الاحتمال، ولكن لا قائل به. والأصحاب - يُجمعون على ثبوت حكم العُنة على النسق الممَّهد.

ويلتحق بذلك ما هو أبعد منه، وهو أن الرجل إذا أصابها في الدبر، وادعى العُنّة عن المأتى! قال الأصحاب: هو عنين في مبدأ أمره ومنتهاه، على النسق الذي قدمناه.

وهذا على ما فيه من الإشكال يمهد قطباً عظيماً في الباب، وهو أن العنة تُفرض على وجهين: أحدهما - يرجع إلى عجزٍ، وهو ينقسم إلى ضعف في الحركة - سببه ضعف الدماغ، وإلى ضعفٍ سببه ضعف الكبد، وقد يرجع إلى خلل في الآلة وآفة، فهذه هي من ضعف القلب، فهذه هي العُنة الحقيقية -ولعمري- من الأمراض، ولكنها خاصة بالمقصود، وليس كمرض لا اختصاص له.

وكان شيخي أبو محمد لا يفصل بين المرض الخاص في الوجوه التي ذكرناها، وبين الأمراض التي ليست مختصة إذا تحقق امتناع الوقاع.

وفي هذا فضل نظر، والرأي ما ذكره. هذا وجه في تصوير العُنّة.

والوجه الثاني - أن [تفتر] (١) شهوة [الإنسان عن امرأةٍ وكان لا يتشهاها، وعلى هذا يخرّج ما قدمناه من اقتداره على وطء ضراتها، مع أنه قد عنّ عنها، وعليه يخرج تشوّفه إلى غير المأتى، وتجنب قصده اعتياداً أو جبلّة، مع أنه لا ينتشر للمأتى] (٢).


(١) في الأصل: تتلف.
(٢) ما بين المعقفين امّحى تقريباً وقرأناه عن الفيلم بالجهاز القارىء، وقدرناه على ضوء ظلال الحروف والكلمات. وهو صحيحٌ إن شاء الله.