للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرع:

٨٣٥٣ - إذا ادعى زيد على امرأة أنها زوجته، فانكرت، فأقام على ذلك بيِّنة، وادعت تلك المرأة أنها زوجة عمرو، فأنكر عمرو، وأقامت المرأة بيِّنة؛ قال ابن الحداد: بيِّنة زيد أولى، وتثبت زوجيتها في حقه. ومن كلامه في ذلك: أنَّ دعواه في الزوجية أقوى من دعوى المرأة؛ إذ حق الزوجية في جانب الزوج أثبت. قال الشيخ: هذه المسألة فيه إذا أنكر عمرو الزوجية، فأما إذا لم ينكر، ولكن سكت، فأقيمت عليه البينة؛ فيجوز أن يقال: تتقابل البيِّنتَان في ذلك، والكلام على تقابل البيِّنتَين يأتي إن شاء الله تعالى.

هذا منتهى كلام الشيخ، وفيه توقف على الناظر، قال ابن الحداد: [إن] (١) لم تتعرض في دعواها نكاح عمرو لذكر المهر، فالوجه أن نقول: إن أنكر عمرو النكاح، وما ذكرت المرأة صداقاً، فلا معنى [لإقامتها] (٢) البيّنة، إلَاّ على مسلك بعيد في أنَّ الإنكار لا يقطع النكاح، فيكون غرضها ثبوت النفقة في مستقبل الزمان، وثبوت غيرها من حقوق النكاح، وهذا -وإن كان منقاساً- بعيدٌ عن مذهب الشافعي، وسنشبع القول فيه في كتاب الخُلع، إن شاء الله عز وجل.

فأما إذا سكت عمرو، وقد ادعت المرأة النكاح؛ فظاهر ما ذكره الأصحاب: قبول دعواها، وإن لم تذكر مهراً، فإنها ادعت سبباً في استحقاق حقوق، ولم يوجد من الزوج ما يتضمن قطعه.

ثم إذا سُمعت الدعوى والبينة، فالأظهر تقديم بينة زيد -كما قال ابن الحداد- لموافقة بيّنة زيد لدعواه، وحق النكاح لزيد، والمرأة لا يقوى حقها في نفس النكاح، وإنما تبغيه ذريعة إلى حقوقٍ في الاستقبال، ومن له الحق في النكاح ساكت.

فهذا وجه، وإليه ميل ابن الحداد ومعظم الشارحين، وقد ذكر الشيخ وجهاً من عند نفسه في مقابل البيِّنتين، ولم يختره، والله أعلم.

...


(١) زيادة من المحقق لا يستقيم الكلام بدونها.
(٢) في الأصل: لإقامته.