للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عاماً، ولا متعلق له إلَاّ الذب عن حريم الإسلام، والتدريس [و] (١) إن كان يعم من وجه، فهو في جهة [التعلّق] (٢) بمن يتعلم خاص؛ إذ على كل شخص أن يتعلم في نفسه، كما على كل شخص أن يعتني بحفظ المواقيت في الصلوات، والمؤذن يكفي الناس ذلك، فليفهم الناظر ما يمر به من لطائف الفقه.

ولكن إن صار صائر إلى تجويز الاستئجار على التدريس، فلا بد فيه من إعلام على التحقيق، فإن الأذان بيّن في نفسه، والعلم عند الله تعالى.

٨٣٦١ - ومما نذكره أنَّ القضاة إذا تراصدوا للقضاء، فلا معنى لاستئجارهم؛ فإنهم إذا انتصبوا للفصل بين المتحاكمين، تعلَّق أمر الخلق عموماً بهم، ولا يتصور أيضاً أن تنضبط أعمالهم بوجه من الوجوه. فهذا مجموع ما أردنا إيراده.

ثم جُوِّز استئجار القاضي على كتبة السجلّ وغيره مما يستدعيه الخصم، ولا يوجبه الشرع، مما يأتي موضحاً -إن شاء الله عز وجل- في كتاب أدب القضاء.

ومن تأمَّل ما ذكرناه، لم يخْف عليه ضوابط المذهب فيما يجوز الاستئجار عليه، وفيما يمتنع ذلك فيه.

٨٣٦٢ - ومما ذكره الأصحاب: الكلام على الاستئجار في الإمامة في الصلاة، فقالوا: لا يجوز ذلك في الصلوات المفروضة، وهل يجوز في النوافل كالاستئجار على الإمامة في صلاة التراويح؟ فعلى وجهين.

وهذا كلام ركيك؛ فإنَّ الإمامة لا معنى لها، ولا مزيّة على الإمام في قصد الإمامة، وإنما يكفيه أن يصلي ويقتدي به من يريد، وإن لم ينوِ الإمامة، فصحة القدوة على نيَّته. نعم، قد يتوقف على نية الإمامة إحراز فضيلة الجماعة، وهذا يخصه ولا يتعداه. وقد ذكرنا أنه لا يجوز الاستئجار على عمل لا يتعدى نفعُهُ العاملَ.

٨٣٦٣ - فإذا تمهد ما ذكرناه، فقد ذكر الشافعي في الباب أنَّ الزوج لو أصدق زوجته عملاً يعمله مما يجوز الاستئجار على مثله، فالصداق صحيح. ومنع أبو


(١) (الواو) زيادة اقتضاها السياق.
(٢) في الأصل: التعليق.