للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٨٣٦٧ - ثم اختلف مسلك أئمتنا في تنزيل الوجهين، فذهب العراقيون وطوائف من المراوزة إلى أنَّا [لو] (١) منعنا الإبدال، نمنعه مع التراضي أيضاً، إلَاّ أن يُفرض عقد صحيح في الاعتياض من منفعة بمنفعة، وهذا [كما] (٢) لو استأجر رجل داراً وقبضها، ثم استأجر المستأجر بمنفعة تلك الدار دابةً، فلا يمتنع هذا. وهؤلاء يقولون: لو تلف الثوب المعيّن، انفسخت الإجارة، كما تنفسخ بتلف الدابة المعينة، وصار صائرون إلى أن الثوب لو أبدل بمثله باتفاقٍ منهما وتراضٍ، جاز بلا خلاف.

وإنما الوجهان فيه إذا أراد مالك الثوب أن يُبدِل، فأبى الخيّاط، وهذه طريقة القاضي.

وبالجملة: التفريع على منع الإبدال ضعيف في الطريقين.

وكل ما ذكرناه، فيه إذا ورد الإصداق والإجارة على عين المعلّم.

فأما إذا كانت الإجارة واردة على الذمة، مثل أن يُصدقها الزوج تعليم سورة البقرة، ولا يتعرض لتعليم نفسه، فلا شك أنه لا يتعين عليه التعليم بنفسه، وله أن يقيم غيره في ذلك مقام نفسه. وهذا بيِّن في أحكام الإجارات.

ولا يمتنع -والحالة هذه- أن يكون المتلزم جاهلاً بما التزم التعليم فيه، لأنه إذا كان لا يتعين [للتعليم] (٣)، فلا معنى لاشتراط علمه.

٨٣٦٨ - ومما يدور في الخلد أنَّا هل نشترط تعيين السورة والجزء الذي يقع التوافق على التعليم فيه؟ هذا فيه تردُّدٌ: ظاهر كلام المشايخ: أنه لا بد من التعيين فيه؛ فإنَّ السور مختلفة، فمنها متشابهات، ومنها ما يصعب حفظها، والأمر في ذلك على تفاوت بيِّن.

وكنت أود في هذا المنتهى ألَاّ يصح الإصداق للاستئجار على التعليم قبل أن يَخْبُر حفظ المتعلم، كما لا يصح إجارة الدابة للركوب قبل أن يُعايَن الراكب.


(١) زيادة اقتضاها السياق.
(٢) زيادة لاستقامة الكلام.
(٣) في الأصل: للتعيين.