للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مائة، فأصدقها من خالص ماله ألفاً، فكيف يكون الرأي؟ وهل يكون هذا كما لو أصدقها من مال الطفل ألفاً، مع العلم بأنه لو فعل ذلك من مال الطفل، لكان متبرعاً من ماله، والتبرع من مال الطفل مردود، وهذه المسألة في نهاية الحسن.

وأول ما يجب قطعه أن يظن ظان أن الملك يثبت للطفل، ويبطل الإصداق؛ فإن سبيل ثبوت الملك له الإصداق، وإذا كان بقصد الإصداق، كيف يصح التمليك؟ فوجه الكلام أن يقال: يحتمل أن يصح الإصداق: فإن كان مع تقرير ملك الطفل، فإن هذا تبرع حصل بتبرع الأب بمال نفسه، ولم يثبت للطفل ملك متأثل حتى يفرض منع [التبرع] (١) فيه.

ويجوز أن يقال: يفسد الصداق رأساً؛ لأن في تصحيحه تثبيتٌ لملك الطفل مع التبرع به. وما وجدناه منصوصاً للأصحاب من منع إصداق الأم يشهد لإفساد هذا الإصداق، فإن انقدح لفقيهٍ نظرٌ في الفرق، فلا حرج عليه، ولا يَطْمَعَن في تخريج في العتق؛ فلا وجه فيه غير ما ذكره الأصحاب.

فإن قيل: قد حكيتم عن أبي إسحاق أنه قال: من يشتري من يعتِق عليه، حصل الملك والعتق معاً، فقياسه أن يحصل ملك الطفل في الصداق وملك المرأة معاً، ثم حصول ملكها يمنع حصول العتق، فهل يخرّج على هذا جواز إصداق الأم؟ قلنا ليس ما قاله أبو إسحاق مما يحل التفريع عليه، سيما في هذه المضائق، وحق كل ناظر في مضيق أن [يقطع] (٢) فكره عن الأصول البعيدة.

فهذا منتهى ما ذكرناه في ذلك.

٨٤٤٨ - ومما يتصل بهذا: أن الرجل إذا نكح امرأة [و] (٣) أصدقها ألفاً، وجاء أجنبي وأدّى الألف من غير رضا الزوج، وطلقها قبل المسيس، فحكم الطلاق تشطير الصداق، ويبعد كل البعد أن نقدّر للزوج ملكاً فيما أدّاه الأجنبي؛ فإنه لا يملك


(١) في الأصل: المتبرع.
(٢) في الأصل: يقتطع.
(٣) في الأصل: أو.