للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذمة العبد مشغولة أيضاً، وهو في رتبة الأصيل والسيد في مقام الكفيل.

وإذا أذن لعبده في التمتع بالعمرة إلى الحج، فالقول الجديد- أن العبد يصوم لا غير، وليس على السيد بذلُ مال.

والقول الثاني - أن السيد يُريق دمَ المتعةِ عن عبده.

فإن قلنا: ذمة الأب عريّة عن المال، فإن كان للابن مال، فالمرأة تطالب الأب المتصرف بأداء المهر من مال الابن، ولو صرّح الأب بضمان المهر شرطاً -والتفريع على الجديد- فيصير حينئذ ضامناً، والمرأة بالخيار، فإن شاءت طالبت الابن إذا بلغ، أو طالبت الأب بالأداء من ماله، وإن شاءت طالبت الضامن، ويظهر أثر هذا مُتّضحاً فيه إذا لم يكن للابن مال ثم الأب إذا ضمن -حيث انتهى التفريع إليه- فإن غرم، فهل يرجع على الابن؟ قد [ذكرنا] (١) في كتاب الضمان أن من ضمن بالإذن، وشرط الرجوع وغرم كذلك؛ فإنه يرجع، فإذا لم يفرض الإذن، ففيه تفصيل.

وحظ هذه المسألة من ذلك الأصل الذي أشرنا إليه- أن الأب لا يحتاج إلى تصريحٍ بشرطٍ، حتى يرجع، ولكن يكفي قصده، فنضع قصدَه موضع الإذن وشرطِ الرجوع، ثم نطبق الخلاف على الخلاف والوفاق على الوفاق.

وإذا ضمن وأدى في هذا المنتهى، ثم طلق الزوج؛ فنصف المهر يرجع إليه، ثم الكلام بعد ذلك في أن الأب هل يرجع أم لا؟ فإن ما يصدر من الأب في مثل ذلك يتضمن تمليكاً؛ فإنه يَمْلِكُ تمليكَ الطفل- كما سبق تفصيله، وإذا كان تبرعه من مال نفسه يتضمن تمليكه، فما يؤديه بعد الضمان والالتزام يقتضي ذلك لا محالة، وفائدة ما ذكرناه أن تشطير الصداق إذا رجع -حيث يثبت للأب حق الرجوع- فلا نقول: ينحصر حق الأب فيما رجع، بل يلتحق ما رجع بسائر أملاك الطفل، ثم الأب يتصرف فيه فيما يرجع به تصرفه في سائر أملاكه.

وهذا كله تفريعٌ على القول الجديد في أن التبرع لا يُلزم الأب ضماناً بحكم العقد، ثم صورنا فيه إذا لم يصرح بالضمان أو صرح به.


(١) في الأصل: ذكرناه.