للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ووراء ذلك كلام للأصحاب، وذلك أنهم قالوا: لو أرادت أن تطلب من المهر شيئاً وإن قل، لم تملكه ولم تجد إليه سبيلاً، وإنما لها طلب الفرض فحسب، وهذا الآن مشكل جداً، مناقضٌ لقولنا: إنها تستحق بالعقد المهرَ، وكان الوجه أن يقال: تملك طلب المهر، وتملك طلب الفرض. أما طلب المهر فمعلل بثبوت المهر، وأما طلب الفرض، فسببه تقرير نصف المهر، وهذا له التفات على مطالبتها بوطأة واحدة ليتقرر بذلك مهرها، ولكن ذلك مختلَفٌ فيه، وطلب الفرض على رأي الأصحاب متفق عليه، والسبب فيه أن الزوج قادر على الفرض متى شاء، والوطء أمر جِبِلِّيٌّ قد لا تساعد الطبيعةُ على المواتاة فيه، ولا عجز بالزوج أيضاً، ولكن وقته لا يتعين، فبعُد تمليك المرأة الطلبَ فيه في أي وقت [تشاء] (١)، وما ذكره الأصحاب تصريح بإفساد القول بأنها تستحق بالعقد شيئاً، وأن هذا القول لا ثبات له، ولذلك لم يعرفه العراقيون، ولم يعرِّضوا بذكره أصلاً.

٨٤٧١ - فإذا [تمهّد] (٢) أصل الفرض فيما رسمناه، فنخوض بعد ذلك في تفصيل القول، ونقول: الفرض يقع من الزوج، فإذا وقع التراضي بمبلغ، فَفَرضه الزوجُ، ثبت، ويجوز أن يكون عينا معيّنة - نقداً أو عَرْضاً، ويجوز أن يكون ديناً ملتزماً في الذمة.

والمذهب الأصح: أن الفرض إذا كان يجري من الزوج، فلا يشترط علمُه وعلمُ الزوجة بمقدار مهر المثل، وإنما التعويل على رضا المرأة وفَرْضِ الزوج.

ومن أصحابنا من قال: لا يصح [الفرض] (٣) من الزوج ما لم يكونا عالمين بمقدار مهر المثل، وهذا الوجه ضعيف، لا معوّل عليه، ولكنه مشهور في الحكاية.

وقد قال بعض المحققين: إن حكمنا بأن المفوضة لا تستحق بالعقد مهراً، فلا حاجة إلى معرفة هذا المِثْل؛ فإن الفرض ابتداءُ إيجابٍ على هذا القول، وإن حكمنا


(١) في الأصل: شاء.
(٢) في الأصل: مهد.
(٣) في الأصل: العقد. وصدقتنا (صفوة المذهب).