للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عقداً، [ويظهر] (١) أن يقال: لا يثبت ما لم تطلب؛ فإن طلبها ينزل منزلة القبول في العقود.

ولو وقع التراضي على أكثر من مهر المثل، فيظهر على هذا القول أن يثبت؛ فإن المهر غير ثابت حالة الفرض، ويحتمل ألا يثبت الزائد إذا كان من جنس النقد الذي إليه الرجوع؛ فإنا على كل حال نلتفت إلى مهر المثل، فكأنه وإن لم يثبت بعدُ- فهو مستحق الثبوت. وهذا يشابه مسألة ستأتي -إن شاء الله عز وجل- في الجنايات، وهي: أن من صالَح على دم العمد على أكثر من دية، ففي ثبوت العوض كلام مأخوذ من التفريع على موجب [العمد] (٢)، أنه ماذا؟ وسيأتي مشروحاً، إن شاء الله تعالى.

وإذا كان يثبت المشروط- وهو أقل، فيثبت أيضاً وهو أكثر. ولولا اعتراض شيء في الفكر لما أوردنا القول في ذلك، ولكن لو ثبتت الزيادة، لما ثبتت إلا عوضاً، وكيف يتصور ثبوت العوض من غير التفات إلى ما سيستحق من غير صيغة عقد؟

٨٤٧٣ - ومما يتم به الغرض: أن المرأة لو قالت: " أسقطت حقي من طلب الفرض " فكيف الوجه فيه؟ فنقول: قد ظهر الاختلاف في أن الإبراء عما [لم] (٣) يجب وظهر (٤) سبب وجوبه، هل يصح؟ وعليه خُرِّج إبراء المرأة عن نفقة عدتها، فعلى هذا لو قالت: أبرأت عما سيجب لي من المهر عند الوطء؛ فالظاهر: خروج ذلك على الخلاف الذي ذكرناه الآن.

فإن قيل: ثبوت المهر يتعلق بتعبد الشرع، فكيف يسقط بإسقاطها؟ قلنا: الإبراء في الأعواض نازل منزلة الاستيفاء، وليس هذا الذي ذكرناه بمثابة ما ذكره القاضي من تسليطها إياه على الوطء من غير مهر، فإن معناه أن ترضى بانعدام المهر، وإجراء الوطء على حكم التعرية، والإبراءُ الذي ذكرناه، معناه: تقدير ثبوت المهر مع إسقاطه بعد ثبوته.


(١) في الأصل: فيظهر.
(٢) في الأصل: العمل.
(٣) زيادة من المحقق، لا يصح الكلام إلا بها.
(٤) وظهر سبب وجوبه: أي جرى سبب وجوبه، كما هي عبارة الرافعي والنووي. وفي صفوة
المذهب: " ووجد سببُ وجوبه ".