للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٨٤٧٧ - فأما القول في فرض القاضي؛ فإنما تمس الحاجة إلى ذلك، إذا طلبت وأبى الزوجُ، أو تنازعا في مقدار المفروض، فأما إذا كانا يتراضيان، فلا فائدة في الارتفاع إلى القاضي.

فإذا ثبت ذلك؛ فلو تنازعا، وكانت المرأة لا ترضى إلا بأقصى حقها، فلا يصح الفرض من القاضي، ما لم يكن عالماً بمقدار مهر المثل؛ إذ إليه الرجوع، وهو منتهى حقها. فإن تراضيا في مجلس القاضي بدون مهر المثل، فالقاضي ليس بفارض، وإنما الفارض الزوجُ برضاها، فإن فوّضا إلى القاضي، فهو في حكم المستناب عن الزوج، وإذا كان النزاع دائماً، فَفَرْضُ القاضي ثابت أيضاً، ولكنه نيابةٌ قهرية، يُجْريها القاضي [استيفاءً لحقٍّ] (١) من الممتنع عنه.

ولو امتنع الزوج من الفرض، فرضيت المرأة بدون مهر المثل، أو رضيت بأن يكون المفروض مؤجلاً، والتفريع على أن الفرض يقبل التأجيل، فنقول: أما إذا رضيت بالتأجيل، والزوج على إبائه وامتناعه، وكان القاضي يفرض عليه قهراً، فقد قال المحققون: ليس للقاضي أن يفرضه مؤجلاً، وإن كان الفرض قابلاً للأجل لو صدر من الزوج- على الرأي الأصح؛ والسبب فيه: أن منصب القاضي [يقتضي منه إلزامَ الزوج] (٢) مالاً حاقّاً، انتجزت الطَّلِبة به. فأما إثباته على أجلٍ ومهل، فلا يليق بمنصب الولاة، وليس كما لو كان الفارض الزوج؛ فإن ذلك يجري مجرى العقود والتراضي على ما يتفق به الرضا به. والسلطان قد يبيع مال الطفل بأجل؛ لأن بيعه منوط بالنظر، فإذا رأى الغبطة في التأجيل، أجّل، على شرائط ذكرناها في كتاب الرهون، [وفرضه عن زوج ممتنعٍ استيفاءُ حقٍّ منه] (٣)، ولا يتحقق استيفاء الحق لأجل


(١) في الأصل: استيفاء الحق.
(٢) عبارة الأصل: " أن منصب القاضي ـعـ ـعـ ـ
من الزام العين مالاً حاقاً " هكذا بهذا الرسم وهذا الضبط، والمثبت تصرّفٌ منا. يؤدي المعنى، وإن كان بعيداً عن ألفاظ الأصل.
(٣) عبارة الأصل: " وفرضه للزوج ممتنع استيفاء حق منه " هكذا بهذا الرسم والنقط. والمثبت تصرف منا بالزيادة والتعديل، وفاءً بما يقتضيه السياق، حيث تعذر علينا إدراك موضع التحريف في ألفاظ الأصل.