٨٤٨٢ - فإذا لاحت النسوة المعتبرات والخارجات عن الاعتبار؛ فالطَّلِبة وراء ذلك بتعليل هذا، فنقول: الصفة الغالبة في العرف الجاري في مقدار المهر النسبُ، فإن المنتسبات إلى شجرة واحدة يجرين على مقدار من المهر، وإن فرض النقص منه عُدّ حطيطةً ووكيسة، والأبضاع لا تتقوم تقوم الأموال، وإنما يُرجع فيها إلى أمثال هذه الخصال التي ذكرناها.
ثم قال الأئمة: إن كانت هذه المرأة التي تبغي مقدار مهرها مساوية لنساء العصبات فذاك، وإن كانت مخالفة لهن في بعض الخصال الحميدة أو الذميمة، فقد يزيد وينقص على ما تقتضيه الصفات، فلو اختصت بصراحةٍ في النسب، وصباحة في الوجه، وسلامة في الخَلْق، وعفة [ويسارٍ](١)، ومزية في العقل، ومَسْحةٍ من الجمال ظاهرةٍ، فيزاد لها بهذه الصفات، فكأن القطب الذي عليه المدار النسبُ، ثم الاقتصار عليه.
ومن لطيف القول في هذا أن الجمال غير معتبر في الكفاءة، والنسب مرعي فيه، وهو الأصل، والجمال مرعي في مهر المثل باتفاق الأصحاب؛ وذلك لأنا وإن اعتبرنا النسب في الباب، فطلب مهر المثل طلب قيمة، والقيم ترتبط بالرغبات، والرغبات تتفاوت بهذه الصفات، والكفاءة ليست من هذا القبيل، والمجتنب ثَمَّ العارُ، كما بينا قاعدة الكفاءة، فإذا لم يكن ضرار ولا عار، فالكفاءة كافية، وهذا مبني على الرغبات.
وقطع أئمتنا باعتبار اليسار في مهر المثل، وإن لم يكن اليسار صفتَها، ولا حق للزوج في مالها، ولكن يسارها يستجر الرغبات إليها، وقد ذكرنا أن التعويل في قيم المتقومات على الرغبات.
٨٤٨٣ - ثم مهر المثل حيث ثبت ويُقضى به يكون من النقد الغالب؛ فإنه قيمة،
(١) في الأصل: " وسياد " والمثبت تقدير منا، أكدته عبارة العز بن عبد السلام في مختصره. (ر. الغاية في اختصار النهاية: ج ٣ لوحة رقم: ٩٩ يمين). والمعنى أن يسار المرأة وغناها له نوعُ تأثير في قيمة مهرها، وإن لم يكن للزوج أي حق في مال زوجته.