للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ظاهر ما قاله الشافعي أن أب الصبية يحلف كما تحلف الزوجة إذا استقلّت، والخلافُ مفروض في مقدار الصداق، وذلك أنه -رضي الله عنه- ذكر اختلاف الزوجين وتحالفهما، ثم قال: " وهكذا الزوج وأبو الصبية "، فمن قال: نُحلّف الأبَ؛ استمسك بظاهر النص. ومن قال: لا نحلّف، قال: لم يعطف أبَ الصبية على الزوجة المستقلة لنحلفه، وإنما عطف ليبين أن الاختلاف ممكن، ويتعلق به إقامة البينة كما تُصوِّر ذلك في الزوجين.

فصل

قال: " فالقول قول المرأة ما قبضت مهرها ... إلى آخره " (١).

٨٤٩٤ - إذا اختلف الزوجان في أصل القبض، فقال الزوج: " أقبضتكِ " وأنكرت المرأة؛ فالقول قولها. فإن الأصل عدم القبض، ودوام إشغال الذمة بالمهر، فإن اتفقا على القبض، واختلفا في صفته؛ فقالت المرأة: " دفعتَ ما دفعتَ هديةً ومنحةً". وقال الزوج: "بل سلّمتُه مهراً"؛ فالقول قول الزوج مع يمينه.

وهذا الأصل مطّرد في كل موضع يقع الاختلاف فيه في جهة القبض، والرجوع فيه إلى الدافع؛ إذ الغرض في ذلك يختلف بالقصد، ولا اطلاع على القصد إلا من جهة القاصد، وقد ذكرنا هذا وما يتعلق به في المعاملات، وأوضحنا مثل هذا الاختلاف في دَيْنين، وقد اتفق أداء شيء، وثار النزاع في أنه مقبوض من أية جهة؟ وبيّنا القولَ فيه إذا قال الدافع: لم أقصد شيئاً.

٨٤٩٥ - ومما يتعلق بما نحن فيه الكلامُ في أن الأب هل يقبض مهر ابنته؟ فنقول: إن كانت صغيرة، قبض الأب مهرها، فإنّ قبضَ المهر تصرّفٌ في مالٍ، وهي مولّىً عليها من جهة أبيها، فعلى هذا لو كانت الصغيرة ثيباً، فالأب يقبض مهرها؛ فإن الثيابة لا تؤثر في ولاية المال، وإنما تؤثر في ولاية النكاح، وقد ذكرنا أن الأب يزوّج ابنته البالغةَ البكرَ إجباراً، فلو كانت سفيهة، قبض مهرها أيضاً، فإن الحجر مطرد مع السفه على المال.


(١) ر. المختصر:٤/ ٣١.