للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي القول الثاني - نخيّره بين التبعيض -وهو الأصل- وبين ردهما. وكان الأصل في البيع ردّهما. وإذا جوّزنا التبعيض، فهو دخيل، والأصل هاهنا التبعيض، وإذا أراد ردهما، فهو دخيل.

٨٥٢٨ - ولن يحيط الناظر بحقيقة هذا ما لم يفهم فرقاً كلياً بين القاعدتين، وهو أن البيع مفسوخ [بالرد] (١)، وهو متَّحد لا يتعدد بتعدد المعقود، فبعُد عند بعض العلماء إيراد الفسخ على بعضه، فينشأ منه منع التفريق. وأما رجوع الصداق إلى الزوج، فليس في حكم عقد يعقد، ولكنه رجوع قهري شرعي، غير أنا قد لا نرد إليه ما في رده إليه إضرار به، وينتظم من هذا أن استمساكه بنصف الصحيح على القاعدة؛ فإنه لا ضرار فيه. بقي طريقٌ للاستدراك في نصف المنكسر، فله الرجوع إلى نصف قيمته، فهذا [بَتٌّ] (٢) لا كلام فيه، فإن أراد رد الصحيح مع المنكسر، فهذا خروج منه عن قاعدة الصداق؛ فإنَّ من اشترى عبدين فوجد بأحدهما عيباً؛ فإنه يردهما باتحاد العقد، وهذا المعنى لا يتحقق هاهنا.

فقال قائلون: لا سبيل إلى ردهما في الصداق؛ لافتراق الأصلين، وتباعد القاعدتين، ونظر ناظرون نظراً ظاهراً من غير بحث عن تباعد القاعدتين، وقالوا: يملك الزوج ردهما. ولم يترك هذا القائل التمسك بجواز التبعيض، وكذا وقع لهذا الإنسان هذا، من حيث ظن أنَّ إفراد العين مشابه للعيب، وأن المشتري إنما يرد العبدين لذلك. ثم قد وجد في الصداق الردّ بالعيب مع إمكان دفع الضرر دونه؛ فإنَّ الزوج إذا صادف الصداق معيباً في يدها، رجع إلى نصف القيمة، ولو قالت: أجبرُ النقصَ لم يُبالَ بها. وهذا وهم؛ فإنَّ تميّز أحد العبدين عن الثاني ليس عيباً، وإنما سببه ما ذكرناه من اتحاد العقد.

[بان] (٣) تحقيق القول في الأصلين، وانتظم منه أنَّا في البيع نقول في قول: يجمع ولا يُفرِّق. وفي قول: إن شاء فرَّق وإن شاء جمع. فإن أراد الزوج ألا يستدرك


(١) في الأصل: بالردة.
(٢) في الأصل: ثبت.
(٣) في الأصل: فإن.