للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنها تستحق المهرَ بالعقد، نُظِر، فإن كانت عالمة بمهر مثلها، صح إبراؤها، وإن كانت جاهلة بمبلغ مهر المثل، فلا يصح إبراؤها فيما جهلته، وهل يصح إبراؤها في المقدار المستيقن؟ فعلى قولين.

وبيان ذلك أنها لو استيقنت أن مهرها لا ينقص عن ألف، وجوّزت أن يبلغ ألفين، فإذا أبرأت عن مهر مثلها لم يصح إبراؤها عما هي مترددة فيه. وهل يصح إبراؤها عن الألف المستيقن؟ فعلى ما ذكرناه.

فإن قيل: إذا فرعتم على أن المفوضة لا تستحق بالعقد شيئاً، فهلا جعلتم إبراءها عن مهر المثل إذا علمته بمثابة الإبراء عما لم يجب، ووُجد سببُ وجوبه؟ [و] (١) في مثل هذا قولان؟ قلنا: ليس هذا بمثابة إبراء المرأة عن نفقة غدها؛ فإن النفقة وإن لم تكن واجبة في الحال، فالنكاحُ يفضي إلى وجوبها من غير سببٍ آخر، فاستمر القولان في مثل ذلك، ومهر المفوضة على قولنا: إنها لا تستحق شيئاً بالعقد لا يثبت إلا بسبب سيحدث، يتعلق إنشاؤه بالاختيار: كالفرض والمسيس. وقد ذكرت قولاً جامعاً في ضمان ما لم يجب في ترتيب القديم والجديد، والإبراءُ عما لم يجب بمثابة ضمان ما لم يجب.

٨٥٣٧ - ومما يجب التنبه له أن نص الشافعي في كتبه يشير إلى أن المفوضة لا تستحق بالعقد شيئاً، وفي هذا الفصل من نص الشافعي ما يدل على أنها تستحق بنفس العقد المهر؛ فإنه قال: " فأما في الصداق غير المسمى أو الفاسد فالبراءة في ذلك باطلة لأنها أبرأته مما لم تعلم ". فقوله: " الصداق غير المسمى " يشير إلى صورة التفويض. ثم أبطل الشافعي الإبراء، وعلل إبطاله بأنها أبرأت عما لم تعلم.

ولو كان الصداق غير واجب بالعقد، لكان تعليل إبطال الإبراء [بعدم الوجوب] (٢)؛ فإن ما لا يجب لا يعلل إبطال إسقاطه بكونه مجهولاً؛ إذ المجهول ثابت على الجهالة وهذا حسن.


(١) (الواو) زيادة اقتضاها السياق.
(٢) في الأصل: يعد من الوجوب.