للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسلم يُقَبِّل إحدانا وهو صائم، وكان أملككم لأرْبِه " (١). بأبي هو وأمي، ولكن لا ينبغي أن يتمارى الفقيه في جواز استخلاء الزوج بزوجته وهي حائض.

فإن قيل: ما الفرق بين الحائض والمريضة؟ قلنا: المرعيُّ في حق المريضة خيفةُ الإضرار بها؛ فلها أن تمتنع، ولولي الصغيرة أن يمنعها، وتحريم وقاع الحائض يتعلق بحق الله تعالى، والوازع من الهجوم على المحرمات الوعيد، فإذا كان [الحِلّ] (٢) قائماً بالنكاح، وكان الوطء محرماً، وقع الاكتفاء بإيضاح التحريم.

ولو رضيت المريضة بأن يخلو بها زوجها، لم يحرم عليه أن يستمتع بها استمتاعاً لا يضر. ولو عرفت المرأة أن الزوج يغشاها في الحيض، ولا يراقب الله تعالى فيها لو استخلى بها، فهل لها أن تمتنع؟ هذا فيه تردد، وليس يبعد تجويز ذلك لها، أو إيجاب ذلك عليها، والعلم عند الله تعالى.

٨٥٤٣ - ثم إذا ثبت أن للمرأة أن تمتنع عن الوطء حتى يتوفر عليها صداقها، فلو مكَّنت، فأتاها الزوج، ثم أرادت بعد جريان الوطء أن تمتنع حتى يتوفر عليها الصداق، لم يكن لها ذلك؛ فإنَّ الوطأة الواحدة بمثابة وَطْآت العمر في تقرير الصداق، فليس لها بعدها امتناع، خلافاً لأبي حنيفة (٣)؛ فإنه جوَّز لها الامتناع بعد الوطأة الأولى.

ولو وطىء الزوج قهراً من غير مطاوعة، فمهرها يتقرر، فلو أرادت الامتناع، ففي المسألة وجهان: أحدهما - لها ذلك؛ فإنها لم تطاوع، والامتناع ممكن.

والثاني - ليس لها ذلك؛ لأن مهرها قد تقرر، وانتهى إلى حالة لا يتعرض بعدها


(١) حديث عائشة " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل بعض نسائه وهو صائم ... " متفق عليه (ر. البخاري: كتاب الصيام- باب القبلة للصائم حديث رقم: ١٩٢٩، ومسلم: كتاب الصيام- باب بيان أن القبلة في الصوم ليست محرمة- حديث رقم: ١١٠٨).
فائدة: يجوز في ضبط همزة (أَرَبه) الفتح والكسر فقد جاءت الرواية بهما (ر. النهاية في غريب الحديث لابن الأثير).
(٢) في الأصل: الحد.
(٣) ر. مختصر الطحاوي: ١٨٨، مختصر اختلاف العلماء: ٢/ ٢٨٥ مسألة رقم: ٧٦٩.