٨٥٥٤ - ولا [قدر](١) عندنا لأقلها، ولا لأكثرها، وهي موكولة إلى اجتهاد الحاكم، ثم هي تختلف باختلاف الأحوال على ما سنصفه، ونذكر ما بلغنا من قول الأصحاب نقلاً، ثم نرجع، فنبحث.
ذكر العراقيون وجهين في تقدير المتعة: أحدهما - أن أقل المتعة ما يتمول، فلو أمتعها الزوج بأقل ما يتمول، فقد خرج عما عليه.
وهذا القائل يقول: ما صح أن يكون صداقاً، صح أن يكون متعة في كل صورة.
والوجه الثاني -وهو الصحيح- أن تقديرها إلى الحاكم واجتهاده، وليس كالصداق؛ فإنَّ الصداق على التراضي، فكان كالأثمان، والمتعة أمر معتبر يفرض ثبوته في وقت التنازع، فيجب أن يكون له أصل يفرضُ الرجوع إليه، ونصُّ القرآن شاهد فيه، فإنه عز من قائل قال:{عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ}[البقرة: ٢٣٦].
ثم فرعوا على الوجهين، فقالوا: إن اكتفينا بأقلِّ ما يتموّل، فلا كلام، وإن أحلناه على اجتهاد الحاكم، فالحاكم يَعتبر ماذا؟ فعلى وجهين: أحدهما - أنه يعتبر حالَ الزوج لا غيرَ في اليسار والإعسار، ولا ينظر إلى حالها، فيقول: زوجٌ في حالِ زيدٍ ويسارِه، كم يكون أقل متعة منه في العادة؟ فيبني الأمرَ على هذا، قالوا: وهذا اختيار أبي إسحاق المروزي.
والوجه الثاني - أنه يعتبر حالها، فيقول: امرأة في مثل حال هذه بكم تُمَتَّع في العادة في أقل ما يُفرض؟ ولا يعتبر حال الرجل، وهذا الوجه مخالف لظاهر القرآن، فإنَّه تعالى قال:{وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ}[البقرة: ٢٣٦] وقال الإمام والدي: يعتبر في ذلك حالهما جميعاً، فيقال: مثل هذا الرجل ما أقلُّ ما يمتِّع به مثلَ هذه المرأة؟