للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غيره بغير إذنه، دخل عاصياً وأكل حراماً " (١). وإنما يفرض هذا والدعوة نَقَرى (٢)، فأما إذا كانت الدعوة جَفَلَى (٣)، وفتحت الباب ليدخل من شاء، فلا تطفل والحالة هذه. وقد نجزت المسائل المنصوصة في [السواد] (٤)، ونحن نرسم بعدها فروعاً لابن الحداد وغيره.

فرع:

٨٥٦٦ - إذا قال السيد لعبده: انكح فلانة [الحرّة] (٥)، وأجعلُ رقبتك صداقها، فالإذن فاسد؛ فإن النكاح على هذا الوجه لا يصح؛ إذ المرأة لو ملكت رقبة زوجها في دوام النكاح، لانْفسخ النكاح، فكيف يفرض انعقاده ابتداءً مع تقدير حصول الملك في رقبة الزوج؟ ولو تعاطى السيد التزويج بنفسه على هذه الصفة، فزوجَ من عبده الصغير -أو الكبير على قول الإجبار- حرةً، وجعل رقبة الزوج صداقاً، فالذي قطع به الأصحاب: بطلانُ النكاح.

وكنت أود لو ذهب ذاهب إلى صحة النكاح وفساد الصداق، ثم كان الرجوع إلى مهر المثل أو إلى القيمة، ولكن ما يصير إلى هذا صائر. والتعويل في المذهب على النقل.

وتعليل ما ذكره الأصحاب: أن من نكح امرأة وأصدقها خمراً، فإنا نفرض الصداق منفصلاً عن النكاح، حتى كأنه ليس عوضاً، وليست تسميةُ الخمر قادحةً في مقصود النكاح، وقد ذكرنا أن الشرائط التي لا تؤثر في مقصود النكاح لا تُفسده. وأما جعل


(١) حديث: "من دخل دار غيره ... إلخ " هو عند البيهقي: ٧/ ٢٦٥ بلفظ: " من دخل على قوم لطعام لم يُدع إليه، فأكل، دخل فاسقاً، وأكل ما لا يحل له " ورواه الطبراني في الأوسط بقريب من هذا اللفظ، ح ٨٢٦٦ وقد ضعفه الألباني في الإرواء: ٧/ ١٦.
(٢) نَقَرَى: بفتحات ثلاث للنون والقاف والراء المهملة، ومعناه أن تكون الدعوة خاصة يُعيَّن فيها من يدعى باسمه. من قولهم: نقرْتُ باسمه أي دعوته من بين القوم. (المصباح والمعجم).
(٣) جَفَلَى: وزان فَعَلَى بفتح الكل: وهي أن تدعو الناس إلى طعامك دعوة عامة من غير تخصيص أحدٍ باسمه. (المصباح والمعجم). وإمام الحرمين ناظر في هذا إلى قول طَرَفة بن العبد:
نحن في المشتاة ندعو الجَفَلَى ... لا نرى الآدبَ فينا ينتقر
(٤) في الأصل: "الشواذ". ونذكر أن السواد هنا هو (مختصر المزني).
(٥) زيادة من المحقق، لا يستقيم الكلام -مع ما سيأتي- بدونها.