قصداً واختياراً، فالصيد يدخل في ملكه بالطرق التي لا اختيار فيها، كالإرث، ثم يلزمه إرساله، وهذا بمثابة قطعنا القول بأن الكافر يرث العبد [المسلم](١).
قال الشيخ: إذا قلنا: إن طروء الإحرام يزيل الملك عن الصيد، فلا يبعد على ذلك أن نقول: الإحرام يمنع حصول الملك بجهة الإرث؛ فإنه إذا قطع الملك المستدام، يجوز أن يمنع حصول الملك بجهة الإرث.
فهذا شيء ذكره من تلقاء نفسه، والمذهب الذي صار إليه الأصحاب أن الإحرام لا يمنع حصول الملك القهري؛ فإنه يبعد أن يرث شيئاً ولا يرثَ شيئاً، ثم يدخل في ملكه فيزول إن فرعنا على أن الإحرام يقطع دوام الملك.
ومما ذكره في مقدمة المسألة: التعرضُ للخلاف المشهور في أن رجوع نصف الصداق إلى الزوج هل يتوقف على اختياره؟ وهذا مما ذكرناه.
٨٥٨٣ - ثم قال: إذا ارتدت المرأة قبل المسيس، اقتضى ذلك ارتداد جميع الصداق إلى الزوج، ولا أثر للاختيار في ذلك وجهاً واحداً، وكذلك كل نكاح ينفسخ، ويجب من انفساخه ارتدادُ جميع الصداق، فلا أثر للاختيار. وهذا الذي ذكره حكايةٌ، وهو موثوق به فيما يحكيه. والفرق بين الطلاق وبين الفسخ، أن الفسخ بطباعه يقتضي ردَّ العوض، بخلاف الطلاق؛ فإنه تصرُّفٌ في العقد وليس فسخاً له.
وإذا ارتد الزوج، فارتداده يوجب تشطّر الصداق، والذي أراه أن الوجه الضعيف في اشتراط اختيار التمليك، يجري في النصف الذي يرتد إلى الزوج بردته؛ فإن ردة الزوج قبل المسيس، تنزل منزلة الطلاق، فهذا ما أردناه في ذلك.
٨٥٨٤ - ثم نعود إلى فرع ابن الحداد، وقد ذكر صورتين: إحداهما - أن الرجل إذا أصدق امرأته صيداً، ثم أحرم الزوج، وارتدت المرأة قبل المسيس، فيرتد الصداق إلى ملك الزوج مع إحرامه؛ فإن هذا ملك ضروري، فكان بمثابة الإرث. وكذلك لو
(١) في الأصل: الملى. (كذا) وما أثبتناه هو الموافق لحكم المسألة في مواطنها. والمعنى هنا: أن المحرم يتملك الصيد قهراً بالإرث ثم يلزمه إرساله، مثل الكافر الذي يتملك العبد المسلم بالإرث ثم يلزمه إرساله بالبيع.