للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وللشافعي قول في القديم أن الأب يصير ضامناً للمهر بنفس العقد، وإن لم يُصرح بالضمان، فإذا فرعنا على ذلك وغرم الأبُ ما ضمنه، قال الشيخ: لا يرجع به، وقد حكيت فيما تقدم مثل هذا من أجوبة القاضي، وقد شبهنا غرامته المهر بما تلتزمه العاقلة من أُروش الجنايات؛ فإنهم لا [يرجعون] (١) به على الجاني خطأً.

وقد قدمت أن إثبات الرجوع متجه، والقياس على تحمل [العقل] (٢) بعيد.

وقد قدمنا في ذلك أوجهاً، ونحن نضم إليها مزيدَ بيانٍ، فنقول: لم يختلف العلماء في أن الصبي إذا بلغ، طولب بالمهر، والقاتل خطأً لا يطالب بأرش الجناية مع العاقلة، وإذا أبرأ مستحق الأرش القاتلَ، لم يكن لهذا الإبراء معنى، والمرأة إذا أبرأت زوجها الصغير عن الصداق، صح إبراؤها، وفيما قدمته قبلُ مزيد كشف.

٨٥٨٨ - ثم من لطيف الكلام أن الأب إذا ضمن -على القول الجديد- ولم نُثبت له حق الرجوع، فإذا توجهت الطلبة عليه عن جهة ضمانه؛ فله أن يؤدي المهر من مال الطفل، فيكفيه ذلك غُرمَ الضمان. ولو قال المطالب: لست أوجه الطلب عليك من جهة الطفل، وإنما أطالبك بموجب التزامك وضمانك، فهذا لا حاصل له، فإن مقصوده الوصول إلى الدين.

ولو قال: أجزتُ مالي على الطفل، لم يتأت منه مع ذلك توجيه الطلب على الضامن في هذا المقام؛ فإن الضامن يقول: إذا كنت تطالبني، فلي غرضٌ ظاهر في تأدية الدين من مال الطفل. ولو طالب الأبَ بحكم الضمان مع إبراء الابن، اعتباراً بالعاقلة التي وقع الاستشهاد بها، فهذا محالٌ عندنا، فإن الطفل في مرتبة الأصيل، والأب في مرتبة الكفيل، فيستحيل إخراج الأمر عن حقيقة الضمان.

فرع:

٨٥٨٩ - مشتملٌ على مسألةٍ دائرة فقهية سبقت في النكاح، ولكنا نُعيدها لدقيقةٍ مستفادة. فنقول: إذا أذِن السيد لعبده حتى نكح حرةً بمهرٍ، والتزم السيد ذلك المهرَ، إمَّا بصريح الضمان على الجديد، وإمَّا بحكم الإذن في العقد- على القديم،


(١) في الأصل: يرفعون.
(٢) في الأصل: العقد.