قال ابن الحداد: وإن نكح حرةً بإذنها أو نكح أَمَةً بإذن سيدها، لم يتعلق المهر بالرقبة، وإن نكح امرأةً بغير إذن سيدها ووطئها، فيتعلق المهر بالرقبة في هذه الصورة.
فمِنْ أصحابنا مَن وافقه على تفصيله. فيقول: إن نكح أمةً بغير إذن سيدها، فيجب القطع بأن المهر يتعلق بالرقبة إذا وطىء، وإن كان بإذن السيد أو كان ذلك مع حرة، فيتردد القول في متعلق المهر. ومن أصحابنا من قال: إذا نكح أمةً بغير إذن سيدها ووطئها؛ فلا نقطع بتعلق المهر بالرقبة، بل نخرِّج المسألةَ على الاختلاف؛ فإن لرضا الأمة تأثيراً في الجملة، وإن لم يأذن السيد، والدليل عليه: أن الأَمَةَ إذا طاوعت على الزنا، فلا مهر لها على أحد الوجهين.
فينتظم في متعلق المهر أقوال: أحدها - إنه يتعلق بالرقبة من غير فصل.
والثاني - إنه لا يتعلق بالرقبة من غير فصل.
والثالث - إنه يفصل بين الحرة وبين الأمة تنكح من غير إذن سيدها.
فرع:
٨٥٩٣ - إذا نكح الرجلُ أَمَةً نكاحاً فاسداً ووطئها، فعليه مهر مثلها، ثم يعتبر مهر مثلها بوقت الوطء دون العقد؛ فإنَّ العقد لم يُفد ملك البضع، بل لغا وفسد، فلا حكم له، وليس ذلك كنكاح المفوضة. [فإن](١) لم نوجب بنفس العقد مهراً، ثم أوجبناه عند الوطء، فقد نعتبر في مقدار مهر المثل كمالَها يوم العقد، وذلك أن النكاحَ ملَّك البضع وأفضى إلى استيفائه، فكان اعتبارُ وقته محمولاً على كونه مملِّكاً للبضع، مفضياً إلى التسليط على الوطء، وهذا المعنى لا يتحقق في النكاح الفاسد.
ثم إذا وطىء الرجل المرأة في نكاح فاسد مراراً مع اتحاد الشبهة، فلا يلتزم إلا مهراً واحداً إجماعاً، ولو وطئها مع اتحاد الشبهة، وهي هزيلة ومهر مثلها خمسمائة، ثم حسنت، فوطئها مرة أخرى -والشبهة واحدة- ومهر مثلها ألف، فيلتزم الواطىء أكثرَ المهرين؛ فإنَّا نُقَدّر كأنَّ الوطء الأول لم يكن.