وفي الصورة الأولى كملت الحرية فيها، وتقدمت على أول نوبتها، فوافاها أول النوبة وهي حرة فيها.
وما ذكرناه لم نقصد به الفرقَ بينهما؛ فإن الحكم في الصورتين واحد، ولكن أردنا التنبيهَ على حقيقة الحال، وترجح إحدى الحالتين من طريق المعنى على الأخرى.
ولو وفَّى الحرة نوبتها ليلتين، ثم وفَّى الأمة نوبتَها ليلة، ثم عاد إلى الحرة، فعتقت الأمة، فما مضى من النوبة في الرق لا التفات إليه، ولا يتوقع فيه مستدرك؛ فإنَّ العتقَ وقع بعد انقضاء تلك النوبة، وإنما يفيد العتقُ إلحاقَ الأمة بالحرة إذا طرأ في نوبة الحرة، أو في نوبة الأمة، فإذا انقضت نوبتان على رقها، ثم طرأ العتق في الثانية للحرة؛ فالنوبتان الماضيتان لا سبيل إلى تعقبهما بالتغيير، فإنا لو نقضناهما، لتعقبنا نُوَباً، وهذا يجرّ تغيير نُوَبَ الرق والحرية في سنين، ولا سبيل إلى التزام ذلك، نعم، إذا طرأ العتق في النوبة الثانية للحرة، فالعتيقة في هذه النوبة كالحرة.
وشبّه الفقهاء النوبةَ الأولى الماضيةَ في الرق أنها لا تعتبر، بما إذا طلق العبد امرأته طلقتين، ثم عتق وتحته زوجةٌ لم يطلقها، فالتي بانت البينونة الكبرى قبل العتق باستيفاء عدد العبيد فيها لا تتغير، وهي محرَّمة حتى تنكح زوجاً غيره، والعتق يفيده في الزوجة التي لم يطلقها، أو طلقها طلقة واحدة- تمامَ العدد.
٨٦١٠ - وكل ما ذكرناه فيه إذا كانت البداية بالحرة في أول النُّوَب.
فأما إذا وقعت البداية بالأَمة، ووضْع القَسْم على أن يقسم لها ليلة وللحرة ليلتين، فإذا فرضنا عتق الأمة؛ فلا يخلو إما أن تعتِق في نوبة نفسها، وإما أن تعتق في نوبة الحرة، فإن عتقت في نوبة نفسها، التحقت بالحرائر، وللزوج الخيار إن شاء اقتصر على هذه الليلة، ثم يقسم للحرة الأصلية ليلة واحدة أيضاًًً، وإن أراد أن يبيت عند العتيقة ليلتين، فلا معترَضَ عليه ويبيت عند الحرة الأصلية ليلتين.
والجملة في ذلك أن الأمة إذا أعتقت في نوبتها، قدَّرنا كأنَّ الرقَ لم يكن وصورناها كالحرة (١) الأصلية.