للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالماء يترادّ لا محالة، ولكنه قد يجري مع هذا جرياً متباطئاً، فإن ظاهر المذهب أنَّ حكمَه -إذا كان كذلك- حكمُ الماء الراكد، ومن أصحابنا من أجراه مجرى الماء الجاري، وهو ضعيف؛ لا أعده من المذهب.

فرع:

٣٧٠ - إذا جرينا على مذهب ابن سُريج في الحكم بنجاسة [ما ينحدر] (١) من النجاسة الواقفة، وإن امتدّ الجدول، فلا يقع الحكم على مذهبه بالنجاسة حالة وقوع النجاسة، ولكن تنجس الجِرْيةُ الأولى التي تلقى النجاسة، فإذا جرت، فينجس ما بين الجرية الأولى إلى موقف النجاسة، وإذا كانت النجاسة تتحرك حركة متباطئة، وكان جري الماء أسرع، فالقول فيما ينحدر كالقول فيه إذا كانت النجاسة واقفةً.

ولكن نجاسة الجرية الأولى والنجاسة تتلوها لا (٢) تبعد بُعدها والنجاسة واقفة لا تتحرك، فليعتبر ذلك بكف تِبْنٍ (٣) على الجرية الأولى، ويعترض في ذلك أيضاً أن النجاسة إذا تحركت، فالماء الآتي من ورائها يُطَهّر موقفها، ولا يتغيّر. فيقع هذا في تفصيل غسالة لا تتغيّر. ثم يأتي بعده ماءٌ طهور لا يصادف نجاسة، ثم ينظر في الذي قدرناه غسالة مع ما يلت عليه، ويقدّر مخالفاً له في صفته.

وقد تمهد جميع ذلك على الاستقصاء

فرع:

٣٧١ - قد يجتمع في موضعٍ ماءٌ لبعضه حُكمُ الجريان، ولبعضه حكم الركود، كالحوض الذي يدخل إليه ماءٌ ضعيف ويخرج، فالمقدار الجاري هو الذي يدخل ويخرج، وما عن جانبيه وما هو تحت المجرى إلى العمق حكمه حكم الراكد، فلو كان على المقدار الجاري نجاسةٌ تجري جَرْي الماء -والتفريع على أنه لا يجب التباعد لو كان الماء كله جارياً- فلا ينجس الراكد؛ فإنّا نجوز في هذه الصورة


(١) زيادة من (م)، (ل).
(٢) في الأصل: " ولا " وقدّرنا أن الواو لا محل لها. ثم صدقتنا (ل).
(٣) فليعتبر: يقاس. والتبن ساق الزرع بعدما ينكسر بالدياس (الدراس) وتعلف به الماضية (المعجم والمصباح).
والمراد هنا أن يُلقى على وجه الجرية الأولى من الماء مقدار ما يملأ الكف من التبن، لقياس سرعة الجري والبعد عن النجاسة.