للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليها، وإذا فعل ذلك، فالأيام التي تنقضي في سفره لا يلزمه [قضاؤها] (١) للمخلّفات إذا رجع إليهن.

والأصل في الباب، ما روي عن عائشة أنها قالت: "كان صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه، فمن خرجت قرعتُها سافر بها" (٢). ثم صح بطريق الاستفاضة أنه كان إذا رجع يجري على النوب في القَسْم.

وذكر الأئمة معنى كلياً -والتعويل على الخبر- ونحن نذكر منه ما ينضبط به المذهب إذا تفرعت مسائل الباب، فنقول: المرأة التي تخرج مع زوجها مسافرة، وإن كانت تحظى بصحبة الزوج، فإنها تشقى بما تلقى من محن السفر، وينضم إلى هذه سقوطُ اعتبار الرجل في تحكيمه القرعة. والمخلّفةُ وإن كانت تشقى بفُرقة الزوج، فهي على حظٍّ بالتردد والتودع (٣) في البلد. فهذا أصل الباب. وأبو حنيفة (٤) يُلزم قضاء أيام السفر للمخلّفات، ولا يجعل للقرعة أثراً في إسقاط القضاء.

٨٦٥٦ - ثم ذكر أئمتنا مسائلَ مرسلةً تأتي على أطراف الباب، ونحن نأتي بها، ثم نجمعها في ربقة جامعة.


(١) في الأصل: قضاؤه.
(٢) حديث عائشة رواه البخاري: كتاب النكاح، باب القرعة بين النساء إذا أراد سفراً، ح ٥١١، ورواه مسلم: كتاب فضائل الصحابة، ح ٢٤٤٥، وانظر (تلخيص الحبير: ٣/ ٤١٢ ح ١٧٢١).
(٣) التودع: الإقامة والدّعة.
(٤) لم أر هذا عند الأحناف، لا في مختصر الطحاوي، ولا في مختصر اختلاف العلماء، ولا في حاشية ابن عابدين. بل وجدت عكس ذلك في الاختيار لتعليل المختار: ٣/ ١١٧، قال ما نصه: "ويسافر بمن شاء، والقرعة أولى ... ومن سافر بها لي عليه قضاء حق الباقيات؛ لأنه كان متبرعاً، لا موفياً حقاًً" ا. هـ. وحكى الرافعي عن الغزالي في الوسيط أنه قال: إن أبا حنيفة رحمه الله، قال بوجوب القضاء (ر. الشرح الكبير: ٨/ ٣٨٠، والوسيط: ٥/ ٣٠٠). قلتُ، عبد العظيم. تبع الغزالي شيخه في هذا النقل عن أبي حنيفة رضي الله عنه، وهو مخالف لما رأيناه عند الأحناف، فهل هو وهم في النقل، أم هو قول مهجور لأبي حنيفة رضي الله عنه؟ وانظر أيضاًًً (البدائع: ٢/ ٣٣٣، والهداية: ١/ ٢٢٢) لترى أنهما أيضاًً يقولان بعدم القضاء للمخلّفات، وانظر أيضاًً: المبسوط: ٥/ ٢١٩، وابن عابدين: ٢/ ٤٠١.