للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا تُقضى، فالحال ينقسم في تقدمه بالسفر، فإن بدا له هذا السفر الآن، ولم يكن [عازماً] (١) عليه في خروجه الأول، فهذه الأيام مقضية؛ فإنه أنشأ السفر عن إقامةٍ، وما كان عزم عليه قبلُ.

وإن كان نوى أن يمتد إلى بغداد، فأقام بالرَّي الإقامة التي وصفناها، ثم استتم سفرته إلى بغداد؛ فهذا فيه احتمالٌ، على قولنا: أيامُ الرجوع غيرُ مقضية، والأوجه هاهنا: وجوب القضاء.

ويجوز أن نَفْصل بين أن يقطع نيةَ السفر، ثم تبدو له فيعود، وبين أن يكون مستديماً لنية السفر الأقصى، ولكن نوى إقامة أيامٍ في بقعة، فتنتظم أوجه، وجهان عامَّان في النفي والإثبات، ووجه مُفَصَّل، كما نبهنا عليه.

ولو نوى مُقام المسافرين، فهو مسافر، لا يتغير من الحكم الذي ذكرناه في القسم شيء.

٨٦٥٩ - وذكر العراقيون أنه إذا سافر ببعض نسائه سفراً قصيراً، فيلزمه القضاء، وزعموا أن القضاء إنما يسقط في السفر الطويل عند فرض القرعة المسقطة للاختيار، وكأنهم عدُّوا سقوط القضاء في مقابلة المشقة التامة.

وكان شيخي يتردد في هذا ويقول: من الرخص ما يتعلق بالسفر القصير والطويل وفاقاً، أو على قولٍ، وأحراها بالذكر الجمع بين الصلاتين تقديماً وتأخيراً.

والوجه عندي: القطع بما ذكره العراقيون (٢)؛ فإنَّ ما نحن فيه يضاهي إسقاط العبادات، أو تخلية الأوقات منها. وهذا الفن لا يثبت إلا في السفر الطويل، والله أعلم.

فهذه المسائل أطلقها الأصحاب وما أحوجَها إلى رباط يحويها.


(١) زيادة اقتضاها السياق.
(٢) لم يرجح الرافعي ولا النووي أياً من الوجهين، ولكنهما نقلا ترجيح صاحب التهذيب وصاحب التتمة للتسوية بين السفر الطويل والقصير (ر. الشرح الكبير: ٨/ ٣٨١، والروضة: ٧/ ٣٦٣).