للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٨٦٧٠ - واختلفت الأخبارُ في ضرب النساء، فروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تضربوا إماء الله" (١) فجاء عمر وقال: "يا رسول الله [ذَئِر] (٢) النساء أي [نشزن] (٣) واجترأن، فأذِن في ضربهن، فبسط الرجال أيديهم إلى ضرب النساء، وجاوزوا الحد، فأطاف بآل محمد أي: بحُجَرِ نسائه وأهل بيته صلى الله عليه وسلم نساءٌ كثيرات كلهن يشتكين أزواجهن، فخرج صلى الله عليه وسلم وقال: لقد أطافَ الليلة بآل محمد سبعون امرأة كلُّهن يشتكين أزواجهن!! خيارُكم خيارُكم لنسائكم، لا يضربن أحدُكم ظعينتَهُ ضربه أَمَته" (٤).

ثم تكلم الشافعي في ترتيب الكتاب والسنة، فذكر وجهين: أحدهما - أنه يحتمل أن تكون الآية وردت بإباحة الضرب، ثم نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عنه تنزيهاً، ثم لمَّا استطالت النسوة [بأذاهن] (٥) على الأزواج أذنَ في ضربهن، فلما بالغوا، قال آخراً: خياركم خياركم لنسائكم، واستحث على الصبر على أذاهن والإعراض عن مجازاتهن على شكاسة الأخلاق وشراستهن، وهذا [لعمري] (٦) هو الأصل.


(١) حديث " لا تضربوا إماء الله " رواه أبو داود: كتاب النكاح، باب في ضرب النساء، ح ٢١٤٦، والنسائي كتاب عشرة النساء، باب ضرب الرجل زوجته، ح ٩١٦٧، وابن ماجه: كتاب النكاح، باب ضرب النساء، ح ١٩٨٥، والحاكم: ٢/ ١٨٨، ١٩١، والبيهقي: ٧/ ٣٥٤، (وانظر تلخيص الحبير: ٣/ ٤١٣).
(٢) في الأصل: دَبُرَ. بهذا الرسم وهذا الضبط.
وذئر النساء: من قولهم: ذئر يذأر ذأراً: أنف وغضب، واستعد للمواثبة، فذئر النساء: أي نشزن على أزواجهن، وذئرت المرأة على بعلها: نثزت، فهي ذئر وذائر (المعجم).
(٣) في الأصل: خسرن. وأرها محرفة عن (نشزن).
(٤) هذا الحديث مع ما قبله: "لا تضربوا إماء الله" أخرجه البيهقي على نحو سياقة إمام الحرمين تماماً إلا بعض ألفاظ، وفي آخره قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "وايم الله لا تجدون أولئك خياركم" مكان رواية الإمام: "خياركم خياركم لنسائكم، لا يضربن أحدكم ظعينته ضربه أمته" (ر. السنن الكبرى للبيهقي: ٧/ ٣٥٤).
(٥) في الأصل: "بذلتهن"، والمثبت اختيار منا على ضوء السياق، ويساعدنا على هذا الاختيار ورود الكلمة بعد ذلك بسطور.
(٦) غير مقروءة في الأصل.