للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو الذي نصّ عليه في أحكام القرآن (١)، واحتج بأن الله تعالى سماهما [في كتابه] (٢) حكمين، والحكم هو الذي يحكم وينفذ ما يراه قهراً، ووكيلا الزوجين لا يسميان [حكمين] (٣). فإن قيل: قيَّد اللهُ تنفيذَ الأمرِ بإرادتهما، قال: {إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا} [النساء: ٣٥]، قلنا: إن حملناها على الحكمين، سقط السؤال، وإن حملنا قوله: {إِنْ يُرِيدَا} على الزوجين فالمعنى: إن [لاحت] (٤) إرادةُ الصلاح مِن الزوجين، وفّق الله (٥) بينهما.

وعن علي أنه بعث الحكمين بين [الزوجين] (٦) وقال: "أتدريان ما عليكما، ما عليكما إن رأيتما أنْ تُفَرِّقا أَنْ تُفرقا، وإن رأيتما أن تجمعا أن تجمعا [قالت المرأة: رضيت بكتاب الله بما عليّ فيه ولي] (٧)، فقال الزوج: أمَّا الطلاق فلا، فقال عليٌّ: كذبت حتى تقر [بما أقرّت به] (٨) " (٩). ووجه التعلق بقول علي: أتدريان ...


(١) الذي في أحكام القرَان للشافعي يؤيد القول الأول ونص عبارته: " ... بعث حكماً من أهله
وحكماً من أهلها، ولا يبعثهما إلا مأمونين وبرضا الزوجين. ويوكلهما الزوجان بأن يجمعا أو
يفرّقا إذا رأيا ذلك.
ثم قال: ولو قال قائل: يجبرهما السلطان على الحَكَمين كان مذهباً" (أحكام القرَان: ١/ ٢١٢، ٢١٣، والأم: ٥/ ١٠٣، ١٠٤) هذا ولم نجد فيما رأينا من كتب المذهب من عزا الأقوال إلى كتب الشافعي إلا الرافعي، فقد عزا القولَ الثاني إلى (الإملاء) وليس إلى (أحكام القرآن) فلعل في الكلام سبق قلم أو وهماً. (الشرح الكبير: ٨/ ٣٩١).
(٢) اختيار من المحقق.
(٣) تقدير منا على ضوء السياق.
(٤) تقدير منا على ضوء السياق.
(٥) في الأصل: يوفق الله ذلك بينهما.
(٦) تقدير منا.
(٧) هذه الزيادة من نصّ رواية الشافعي في الأم.
(٨) غير مقروء في الأصل، وأثبتناه من رواية الأم.
(٩) حديث علي بهذه السياقة وبهذه الألفاظ، هو نص ما رواه الشافعي في الأم: ٥/ ١٧٧، إلا أن إمام الحرمين قدّم " إن رأيتما أن تفرقا ... " على " إن رأيتما أن تجمعا ... " ورواه أيضاًًً النسائي في الكبرى: ح ٤٦٧٨، والدارقطني: ٣/ ٢٩٥، ح ١٨٩، والبيهقي: ٧/ ٣٠٥، ٣٠٦، وعبد الرزاق: ٦/ ٥١٢، رقم: ١١٨٨٥، ١١٨٨٧، وانظر تلخيص الحبير: ٣/ ٤١٤ ح ١٧٢٣.