للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكذلك اختلفوا في أن لفظ [الفك] (١) هل يكون صريحاً في العتق؟ وإنما نشأ الاختلاف في هذه المسائل عن أصل نُنبّه عليه، وهو: أن من أئمتنا من نظر إلى شيوع المفاداة والإمساك والفك، [في هذه الأغراض] (٢)، والصريحُ ما يشيع في إرادة مقصدٍ. [ومن] (٣) أئمتنا من نظر إلى جريان هذه الألفاظ في الشرع.

[كالمفاداة] (٤) في قوله تعالى: {فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: ٢٢٩]. والإمساك في قوله تعالى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ} [البقرة: ٢٣١]. والفك دي قوله تعالى: {فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد: ١٣].

وحاصل المذهب: أن ما جرى له ذكر في الشرع، وتكرر حتى صار مشهوراً في الشرع؛ فهو صريح، وإن لم يفرض فيه إشاعةٌ في العادة؛ فإنّ ما عُرف شرعاً، فهو المتّبَع، وعليه بنينا حملَ الدراهم في الأقارير على النُّقرة الخالصة، وإن كان قد يغلب العرف على خلاف ذلك، وعليه ألحق الشافعي [السَّراح والفراق] (٦) بصرائح الطلاق لمَّا ألفاهما (٧) متكررين.

فأما ما جرى في الشرع مرة واحدة، كالمفاداة، والإمساك، والفك، ولم يكن ذلك شائعاً؛ ففيه الوجهان.

وما شاع ولم يجرِ له ذكر في الشرع، فهل يلتحق بالصرائح؟ فعلى وجهين. ومنه


(١) زيادة اقتضاها السياق. واعتمدناها من لفظ العز بن عبد السلام في المختصر، ومن كلام المؤلف الآتي قريباً.
(٢) زيادة من المحقق لإيضاح المعنى.
(٣) في الأصل: فمن.
(٤) في الأصل: والمفاداة.
(٥) المعنى أن من أئمتنا من جعل الصريح، هو ما شاع في إرادة المقصد، ومن أئمتنا من جعل الصريح ما جاء في استعمال الشرع.
(٦) في الأصل: "ألحق الشافعي والقرآن بصرائح الطلاق" والتصويب والزيادة من المحقق.
(٧) تكررت مادة (س. ر. ح) في القرآن الكريم بمعنى الطلاق سبع مرات: "أسرحكن" سورة الأحزاب: ٢٨، "تسريح" سورة البقرة: ٢٢٩، "سرِّحوهن" مرتين سورة البقرة: ٢٣١، وسورة الأحزاب: ٤٩، "سراحاً" مرتين، سورة الأحزاب: ٢٨، ٤٩.
وجاءت مادة (ف. ر. ق) بمعنى الطلاق مرتين: "أو فارقوهن بمعروف" سورة الطلاق: ٢، "وإن يتفرقا" سورة النساء: ١٣٠.