للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسافرين؛ فإنه سافر قبل ابتداء المسح.

والثاني - أنه يمسح مسْحَ المقيمين؛ فإنه عصى بتأخير المسح، والرخص لا تناط بالمعاصي، وأيضاً استقر وجوبُ المسح بانقضاء الوقت، فكان ذلك كإيقاع المسح في الإقامة.

وهذا غيرُ سديدٍ. أما المعصية، فليست في السفر، وهو سبب الرخصة، وأما لزوم المسح، فغير سديد؛ فإن المسح لا يتعيّن قط، من جهة أنه لو نزع خفّيه وغسل قدميه، فهو الأصل.

فرع:

٤٠١ - إذا شك، فلم يدر: أمسح في الإقامة أم لا؟ فالأصل عدم المسح، وحكمه -لو لم يجر (١) - استكمالُ مدة المسافرين. ولكن أجمع أئمتنا على أنه يمسح مَسْح المقيمين، أخذاً بالأقل. وهذا يناظر ما قدمناه: من أن الماسح لو شك في انقضاء المدة، فالأصل بقاؤُها، ولكن يتعين الأخدّ بانقضائها؛ إذ الأصل وجوبُ غسل القدمين، فلا معدل عنه إلى المسح، إلا بثبَت، وتحقيق، وقد ذكرنا ذلك ونظائرَ لها في مسائل استثناها صاحب التلخيص، إذ قال: لا يترك اليقين بالشك إلا في مسائلَ ذكرَها (٢).

هذا في المقيم إذا سافر.

فأما من لبس الخف مسافراً، ثم أقام، فحكم الإقامة مغلَّب في كل حال، فإن مضى في السفر مدةُ المقيم، فأقام، نزع خُفّيه، وكذلك إن مضى كثر منها، فكما (٣)


(١) أي: لو لم يجر المسحُ. وفي هامش الأصل: "إِن لم يجر".
(٢) سبق بيان هذه المسائل، وعدّها آنفاً. فقرة: ١٧٠.
(٣) كذا في جميع النسخ: " فكما أقام نزع " ومعناها -كما هو واضح من السياق- كلما أقام، أو عندما أقام، وهذا الاستعمال لـ (كما) بهذا المعنى وارد كثيراً في عبارة إِمام الحرمين، في هذا الكتاب خاصة، وقد ظللتُ سنوات أبحث لهذا الاستعمال عن أصل، وأسال شيوخي وأساتذتي، فلم أجد عندهم شفاءً، وأسال أهل هذا الشأن من إِخواني وأقراني، فكانوا يقولون: هي مصحفة عن "كلّما" ويقطعون بذلك، وكنت أردّ ذلك، ولا أقبله، لأمرين: كثرة ورودها وتكرارها، وثانياً لاتفاق جميع النسخ عليها، فيحيل العقل (تصحيفها)، إِلى أن أتاني بخبرها تلميذي النجيب وابني الحبيب البحاثة الدؤوب علي الحمادي. فقد وجد النووي =