للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويجوز أن يقال: ليست المخالعة كذلك، فإنها كناية في وضعها، ومن محالّ ترددها إرادة الخلع بها من غير مالٍ، فليكن في هذا مزيد نظر، وإذا (١) قال الرجل للوكيل: طلق امرأتي بمالٍ، أغنى هذا عن ذكر المخالعة، وكان تصويراً في الإطلاق من غير تعرض لمقدارٍ في المال.

وقد انتجز بعون الله ولطفه تفريع القول في تصرف الوكيل من جهة الزوج.

٨٨٩٩ - فأما تفصيل القول في تصرف الوكيل من جهة المرأة، فنقول: لا تخلو المرأة إما أن توكل بالاختلاع مطلقاً من غير تنصيص على مقدار من المال، وإما أن تنص على مقدار من المال، فإن نصت على مقدارٍ من المال، وقالت لوكيلها: اختلعني بكذا. فإن وافق الوكيل واختلعها بذلك المقدار، صح، ونفذ. وإن وقع الاختلاع بأقل من ذلك المقدار، صح أيضاًً، وكان ذلك تناهياً في الموافقة، وهو بمثابة ما لو قال الرجل لوكيله: اشتر لي هذا العبد بألف، فإذا اشتراه الوكيل بخمسمائة، فقد وافق وزاد، فالنقصان في هذا الجانب بمثابة الزيادة في ثمن المبيع من الوكيل بالبيع.

٨٩٠٠ - وإن خالف الوكيل واختلعها بأكثر مما سمَّت، فهذه مخالعة متضمنها جرُّ ضرار ومزيدُ غرم، فلا يخلو الوكيل إما أن يضيف العقد والقبول إليها، وإما أن يطلق الاختلاع، ولا يضيف إليها.

[فإن أضاف إليها] (٢) وقال: اختلعتها بألفٍ من مالها أو بألفٍ عليها، فظاهر النصوص في الكتب الجديدة والقديمة أن الطلاق يقع.

ومذهب المزني أن الطلاق لا يقع، وليس يخفى اتجاه القياس فيما اختاره المزني؛ فإن هذا الوكيل لم يضف الاختلاع إلى نفسه، فينزل العقد عليه، وإنما أضاف إليها، وهي لم تلتزم بنفسها هذا المقدار، ولم تأذن لوكيلها في التزامه، فاقتضى القياس أن يكون هذا القبول لاغياً بمثابة المعدوم، وإذا انتفى القبول -والإيجابُ يتعلق به- كان


(١) (ت ٦): فإذا.
(٢) زيادة من: (ت ٦).