للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

القطع في المتعلَّق، وعن هذا قال سيبويه: "إذا قال القائل: إذا قامت القيامة كان (١) كذا وكذا: فهذا إيمان بالقيامة (٢)، وإذا قال: إن قامت، فهذا تردد في التصديق بها". وعن هذا قال أئمة اللسان: قول القائل: إن طلع الفجر، فأنت (٣ طالق، كلامٌ معدول عن الوجه المستحسن، فإن الفجر يطلع لا محالة، وإذا قال: إذا ٣) طلع الفجر، فأنت طالق، فهذا هو النظم الجاري في كلام الفصحاء.

وقد يجري الطلاق معللاً بعلة، فحكم الطلاق أن يتنجّز، ثبتت (٤) تلك العلة أو انتفت، وبيانه أنه لو قال: أنت طالق لرضا فلانٍ، [وزعم] (٥) أنه أراد تعليل إيقاع الطلاق بالرضا، فالطلاق ناجزٌ رضي ذلك الشخص أو سخط، وذلك أن المعلِّل ليس يعلِّل (٦) الطلاق بالعلة، وإنما يُنجِّز الطلاق ثم يبتدىء، فيعلل تنجيزَه بسبب، فالتعليل كلام مبتدأ لا ينشأ ليرتبط الطلاق به وجوداَّ وعدماً. وسنذكر مسائل هذا الأصل، إن شاء الله عز وجل.

٨٩٣٣ - ثم نقول بعد هذا: استعمال اللام في الأوقات محمول على التأقيت بالاتفاق، وبيانه أنه إذا قال: أنت طالق لهلال رمضان، فهو بمثابة قوله: إذا استهل هلال رمضان، فأنت طالق؛ والسبب فيه أن اللام مستعملة مع الأوقات للتأقيت بها، وهذا شائع في لغة الفصحاء، وهي أظهر من قول القائل: إذا استهل الهلال، فأنت طالق، وينضم إلى ذلك أن تخيّل التعليل بالأوقات بعيد عن الوهم؛ فإن التعليل إنما


(١) في الأصل: وكان كذا وكذا.
(٢) لأن (إذا) معناها التحقيق، فمن قال: "إذا قامت القيامة كان كذا وكذا"، معناه أنه متحقق من القيامة مؤمن معتقدٌ بمجيئها.
لكن لو قال: "إن قامت القيامة، كان كذا وكذا" فقد جعل القيامة موضع التردد، لأن وضع (إن) في اللغة للتردد في الشرط.
(٣) ما بين القوسين ساقط من (ت ٦).
(٤) الورقة رقم ١٣٣ (ي، ش) مكررة.
(٥) في الأصل: فزعم.
(٦) ت ٦: يعلق.