للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ممسوسة، وجرت في العدة، فهي رجعية، فإذا لم يرتجعها زوجها حتى انقضت العدة، بانت، والسبب فيه انتفاء (١) العدّة والرجعة مع بقاء الطلاق.

وأبو حنيفة (٢) ينفي الرجعة بمسلكين: أحدهما - أن يطلّق الزوج ممسوسة من غير عوض، ويشترط قطع الرجعة، فالرجعة تنقطع عنده بشرط القطع.

والمسلك الثاني - أن يقع الطلاق بكناية من الكنايات تُشعر بالبينونة، فإذا نوى الطلاق بها، كان الطلاق مُبيناً لا محالة، وإن لم يقصد الزوجُ قطعَ الرجعة.

فانتظم من مذهبنا أن الرجعة لا تنقطع بالقطع، ولا بلفظة، وإنما تنقطع بالعوض، وعدم العدة، واستيفاء العَدد.

فصل

٨٩٩٠ - المرأة إذا ادّعت على الزوج أصلَ الطلاق، فأنكره أو ادّعت عليه نية الطلاق، فدعواها مسموعة واليمين معروضة، ومردودة (٣)، ولو لم تدّع، فشهد شاهدان حسبةً على الطلاق، سُمعت شهادتهما؛ فإن حق الله تعالى غالب في الطلاق، وآيةُ غلبته أن الواقع لا ينتفي بتراضي الزوجين.

فلو ادعى واحدٌ من الناس على رجل أنه طلق امرأته، فهذا ليس بدعوى، فإن كانت عنده شهادةٌ، فليقمها من غير دعوى، والمرأة لو أرادت أن تَشهد على طلاق الزوج، لم تجد إلى ذلك سبيلاً؛ فإن الحظ يرجع إليها من الخلاص، ولها مقام الدعوى.


(١) انتفاء العدة والرجعة: يستخدم الإمام هنا "انتفاء العدة" بمعنى عدم بقائها وانتهائها، وبمعنى عدم وجوبها أصلاً. وذلك واضح تماماً في قوله في أول الفصل: "مضمون هذا الفصل أن البينونة الباتة لملك النكاح منوطة عندنا بوقوع الطلاق مع انتفاء العدة، أو بوقوع الطلاق مع العوض ... إلخ".
(٢) ر. المبسوط: ٦/ ٧٣، رؤوس المسائل: ٤٠٠ مسألة ٢٨٣، البدائع: ٣/ ١١٢، إيثار الإنصاف: ١٧٠.
(٣) أي معروضة على الزوج، ومردودة -عند نكوله- على الزوجة.